قال الحافظ في الهدي 219: "قوله: (أطولهم يداً) أي أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافاً إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات. وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك". اهـ.
ت: الواجب إثبات اليدين حقيقة على الوجه اللائق بالله عز وجل حقيقة من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، وعلى هذا اتفق أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح.
أما التوقف عن الإثبات والتأويل بالتفويض، أو الجنوح للتأويل فمسلكا المؤولة والمفوضة من الأشاعرة والماتريدية في باب الصفات، وأهل السنة والجماعة منه براء. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 61: "قوله: (وهو) أي الإيمان (قول وفعل يزيد وينقص) …
والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته، والسلف جعلوها شرطاً في كماله". أهـ.
ت: الصواب أن الأعمال عند السلف الصالح: قد تكون شرطاً في صحة الإيمان، أي أنها من حقيقة الإيمان قد ينتفي الإيمان بانتفائها، كالصلاة.
وقد تكون شرطاً في كماله الواجب فينقص الإيمان بانتفائها كبقية الأعمال التي تركها فسق ومعصية، وليس كفراً. فهذا التفصيل لابد منه لفهم قول السلف الصالح وعدم خلطه بقول الوعيدية. مع أن العمل عند أهل السنة والجماعة ركن من أركان الإيمان الثلاثة: قول وعمل واعتقاد، والإيمان عندهم يزيد وينقص. خلافاً للخوارج والمعتزلة. والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 147: " (تنبيه): دل سياق الحديث على أن رؤية الله في الدنيا بالأبصار غير واقعة، وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فذاك لدليل آخر".
ت: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم لم يَرَ ربَّه في الدنيا في أرجح أقوال العلماء؛ لأن رؤية الله محجوبة في الدنيا عن كل أحد، ولم يأت مخصص صحيح في ثبوتها لأحد لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره، فيبقى النفي على عمومه، وصح في الحديث "واعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت" أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سُئل: هل رأيت ربك؟ فقال: "نور أنى أراه" وفي لفظ قال: "رأيت نوراً" أخرجهما مسلم. وانظر التعليق على حديث (4155) من كتاب التفسير. والله أعلم.
...
قال الحافظ في الفتح 1/ 164: "وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب – من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه – لأنها متميزة لله تعالى فلا تحتاج لنية تميزها. . "اهـ.
ت: هذا القول متعقب؛ إذ هو قول الأشاعرة، لأن الإيمان في اللغة ليس مجرد التصديق؛ بل هو التصديق وزيادة الإقرار، فهو لغة مشتق من الأمن. وقد نبَّه على هذا أبو العباس ابنُ تيمية في كتابه الإيمان الكبير 7/ 289 - 293 ضمن الفتاوى أما في الشرع فالإيمان؛ الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح والأركان.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 189: "قوله: (فاستحيا الله منه) أي رحمه ولم يعاقبه.
قوله: (فأعرض الله عنه) أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضاً لا لعذر، هذا إن كان مسلماً ويحتمل أن يكون منافقاً. . "اهـ.
ت: يوصف ربنا سبحانه وتعالى بالاستحياء والإعراض كما في النصوص الشرعية على وجه لا نقص فيه؛ بل على الوجه اللائق من غير تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل. ولا يجوز تأويلهما بغير معناهما الظاهر من لوازمها وغير ذلك، بل الواجب إثباتهما لله عز وجل على الوجه اللائق بجلاله وكماله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وانظر التعليق على حديث (282) باب 22 من كتاب. الغسل. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 276: "قوله: (إن الله لا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء في الحق"اهـ.
ت: الواجب إثبات الحياء لله عز وجل على وجه لا نقص فيه وعلى الوجه اللائق به سبحانه حقيقة من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل، كسائر الصفات عند أهل السنة والجماعة. وكونه سبحانه لا يأمر بالحياء في الدين حقٌ أيضاً، لكن ليس هو معنى صفة الاستحياء لله عز وجل، بل هو من آثارها.
¥