ت: هذا الموضع فيه إيهام يتعلق بصفة الكلام لله عز وجل، ويحتاج إلى تفصيل:
أ - فإن كان المراد أنه معنى قديم نفسي، فهذا قول الأشاعرة بأن القرآن معنى نفسي قائم بالله.
ب - وإن كان جبريل لم يسمعه من الله وإنما تلقاه من غيره: من اللوح أو الهواء أو اللطيفة فهو باطل أيضاً. وهو قول الأشاعرة والمتكلمين لينفوا أن يكون الكلام مسموعاً. وهو راجع إلى الاحتمال الأول: بأن الكلام معنىً قديمٌ نفسيٌّ.
جـ – وإن أراد أنه قديم بمعنى أن الله كتبه في اللوح المحفوظ وسبق به علمه سبحانه ثم أنزله منجماً حسب الحوادث، وسمعه جبريل من الله. فهذا حق وصواب.
وبالتفصيل يتبين الأمر؛ لأن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد، كسائر أفعال الرب جلَّ وعلا. والله أعلم.
وانظر التعليق على باب (42) من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 395: "ووقع للمهلب استبعاد جواز هذه الكلمة – وهي "حابس الفيل" – على الله تعالى، فقال: المراد حبسها أمر الله عز وجل، وتعقب بأنه يجوز إطلاق ذلك في حق الله فيقال: حبسها الله حابس الفيل، وإنما الذي يمكن أن يمنع تسميته سبحانه وتعالى حابس الفيل ونحوه، كذا أجاب ابن المنير، وهو مبني على الصحيح من أن الأسماء توقيفية …".
ت: هذه قاعدة سديدة مسددة في باب الأسماء والصفات أن مبناهما على التوقيف. وإطلاق حابس الفيل على الله ليس من باب التسمية، وإنما من باب الإخبار والإطلاق، وهو على كل حال أوسع من باب التسمية والوصف. ولا يكفي فقط ألا يكون ذلك الاسم مشعراً بنقص؛ بل لابد أن يكون توقيفياً.
والحبس هاهنا فعلٌ يليق بالله عز وجل لا يشبه حبس المخلوقين كسائر الصفات والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 402: "وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة. . ".
ت: هذا ليس على إطلاقه، بل هو خاص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لغيره؛ لكونه لم يرد، ولكونه وسيلة إلى الشرك. ومضى في المجلدين الأول والثالث مواضع عديدة علق عليها سماحة شيخنا بما يكفي، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 413 - 414: "وفي رواية موسى بن عقبة عن الزهري: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجداً…".
ت: هذا مخالف لما صح في الأحاديث الصحيحة المحذرة من اتخاذ القبور مساجد، وهذا إن صح! كيف وهو من مراسيل الزهري، وهي من أضعف المراسيل؛ فيكون الأثر غير صحيح. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 48: "قوله: (يضحك الله إلى رجلين) قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هذه مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما وقبوله للآخر ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة مع اختلاف حاليهما، قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدل على الرضا والقبول".
ت: هذا الكلام وما بعده غير صحيح؛ لأنه مذهب أهل التأويل ومذهب أهل التفويض وكلا المذهبين باطل.
ونفي الضحك عن الله، واعتبار نصوصه المثبتة له من ضرب المثل، وتأويله بصفة أخرى كالرضا أو إرادته، ليس بسديد، بل هو نفي لحقيقة ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربه، فالواجب إثبات صفة الضحك لله على الوجه اللائق به من غير تشبيه بضحك المخلوقات، ولا تعطيل لحقيقة ما له سبحانه من كمال الصفات، ولا تكييف ولا تحريف.
هذا؛ ولم أرَ البخاري رحمه الله تأول ذلك، وهو بعيد جداً عنه، لاسيما وقد قال الحافظ عفا الله عنه على حديث (4889) من كتاب التفسير: "قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة. قلت: ولم أرَ ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري" اهـ. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 138: "ويحتمل أن يكون معنى قوله: (رحمة من الله) أي كانت الشجرة موضع رحمة الله ومحل رضوانه لنزول الرضا عن المؤمنين عندها…".
ت: هذا احتمال بعيد، فليست الشجرة موضع رحمة الله ومحل رضوانه لنزول الرضا عن المؤمنين عندها.
¥