تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفيه نظر؛ لما فيه من الإطلاق في موضع التقييد، وقال ابن التين: معنى محبة المخلوقين لله إرادتهم أن ينفعهم وقال القرطبي في المفهم: محبة الله لعبده تقريبه له وإكرامه… فمعنى محبته إكرام من أحبه، ومعنى بغضه إهانته، وأما ما كان من المدح والذم فهو من قوله، وقول من كلامه، وكلامه في صفات ذاته، فيرجع إلى الإرادة، فمحبته الخصال المحمودة، وفاعلها يرجع إلى إرادته إكرامه، وبغضه الخصال المذمومة، وفاعلها يرجع إلى إرادته إهانته" اهـ.

ت: كل هذا من أنواع التمحلات لنفي حقيقة صفة المحبة لله عز وجل، لاعتقادهم مشابهة صفات الله لصفات المخلوقين، والحق أن الله سبحانه يحب حقيقة كما يبغض كذلك، ولا يلزم على هذه الصفات مشابهة ولا يجب فيها تأويل، وإنما غضب ومحبة لائقان بالله كمالاً واستحقاقاً من غير تمثيل ولا تكييف، ومن غير تعطيل ولا تحريف، على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

وكلام الله صفة ذاتية فعلية، فهي صفة ذاتية لتعلق هذه الصفة بذات الله وملازمتها له واتصافه بها أزلاً وأبداً، فكان الله وهو متكلم، لا أنه كان غير متكلم ثم أصبح متكلماً، وهي صفة فعلية لتعلقها بمشيئة الله، فالله يتكلم إذا شاء كيف شاء، والله أعلم.

وانظر التعليق على باب 32 من كتاب التوحيد على حديث (7483).

* * *

قال الحافظ 13/ 371: "قال ابن بطال: … والمراد برحمته إرادته نفع من سبق في علمه أن ينفعه … وقيل: يرجعان إلى معنى الإرادة، فرحمته إرادته تنعيم من يرحمه، وقيل: راجعان إلى تركه عقاب من يستحق العقوبة"اهـ.

ت: هذا من التأويل الفاسد، وتعطيل رحمة الله عز وجل بنفي حقيقتها عن الله، وإرجاعها إلى صفة الإرادة، فكما أن لله إرادة لا تشبه إرادة خلقه، فكذلك له محبة ورحمة لا تُشبهان ما للخلق من محبة ورحمة، كذا عند أهل السنة على الوجه اللائق بالله، إذ القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر، وإلا لكان ذلك تفريقاً بين المتماثلات بغير ما دليل، وذلك مناقض لصريح الأدلة ومخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، والأصل في هذا قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 372: "ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود: لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمناً كذلك، إلا إن كان عامياً لا يفقه معنى التجسيم فيكتفي منه بذلك، كما في قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مؤمنة"، قالت: نعم، قال: "فأين الله"؟ "قالت: في السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة"، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم … " اهـ.

ت: ليس في قوله: "إلا الذي في السماء" تجسيماً، بل هو ما وصف الله به نفسه في مثل قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء}، وفي مثل ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الجارية هذا وغيره. ووصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان لإثباتها العلو، لا لأنها تجهل أن العلو لا يليق بالله كما زعموا.

ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم منها ذلك مخافة التجسيم أو التعطيل، وإنما لأنه حق وافق الفطرة، وهو ما نفاه ويأباه نفاة العلو، والله أعلم.

وانظر التعليق على حديث (7417) من كتاب التوحيد.

* * *

قال الحافظ 13/ 380: "وفي الحديث إثبات اليمين صفة لله تعالى من صفاته ذاته وليست جارحة، خلافاً للمجسمة. انتهى ملخصاً" اهـ.

ت: الواجب إثبات اليدين لله عز وجل حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه إثباتاً بلا تكييف ولا تمثيل، وتنزيهاً بلا تحريف ولا تعطيل، كسائر أسمائه وصفاته تعالى وتقدس.

وقوله: "وليست جارحة" فهي عبارة محدثة مبهمة مجملة لا دليل على إثباتها أو نفيها، وهي تحتمل حقاً وباطلاً. فالواجب الوقوف مع النص الشرعي فيما أثبت لله أو نفي عنه، والسكوت فيما سوى ذلك مما سكت عنه ومن ذلك نفي الجارحة، والله أعلم.

وقد مضى لهذا نظائر على حديث (1597) من المجلد الثالث، وعلى باب (68) من كتاب التفسير من المجلد الثامن. وعلى ما يأتي على حديث (7410)، وعلى باب 19 من كتاب التوحيد من هذا المجلد الثالث عشر.

* * *

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير