أقول أما آخر القولين فيمكن المقلد أن يعرفه بأن يكون في كتاب لإمامه متأخرا عن الكتاب المشتمل على القول الأول أو بالتصريح من إمامه بأن احد القولين متأخر والآخر متقدم
وأما أقوى الاحتمالين فلا سبيل للمقلد إلى معرفة الأقوى منهما لأن القوة للقول أو الاحتمال يحتاج إلى علم لا يكون عند المقلد
نعم إذا صرح إمامه بأن أحد الاحتمالين اقوى وأرجح من الآخر أو أخبر المقلد من له قدرة على معرفة الأقوى استقام ما ذكره هنا
ولا وجه لما ذكره الأمير رحمه الله في حاشيته من أن المقلد قد يتمكن من ذلك بأسباب يعرفها لمعرفته لقوة بعض المفاهيم على بعض لأنا نقول لو عرف ذلك كما ينبغي لم يكن مقلدا في هذا الحكم الذي توصل إلى تقويته بذلك السبب
قوله ولا يقبل تخريجا الخ
اقول إن كان التخريج هو ما ذكره من كون المقلد يعرف أنه لا فرق بين مسألتين نص المجتهد على إحداهما دون الأخرى فيجعل المقلد حكم تلك المسألة الأخرى حكم هذه التي نص عليها المجتهد فيقال أولا من أين لهذا المقلد المسكين معرفة عدم الفرق بين هاتين المسألتين فإن ذلك يرجع إلى علم ليس هو من علمه
ص28
وعلى تقدير أنه عارف بدلالة الخطاب والساقط منها والمأخوذ به وأنه بهذه المعرفة ألحق مسألة أخرى فهذا القياس بعينه وإن زعم زاعم أنه غير القياس فما هو
والحاصل أن جعل التخريج نوعا مستقلا مغايرا للقياس هو مجرد دعوى لا برهان عليها أصلا ثم قد عرفت عدم جواز التقليد فيما هو مسائل صريحة واضحة فعدم جوازه في مثل هذه المسائل التي هي كما قيل ليست من قول المخرج ولا من قول المخرج له أولى
وعلى تقدير احتمال أن يكون من قول أحدهما لا على التعيين فقد علمت أن أحدهما مقلد وتقليد المقلد لا يجوز بالإجماع
وبالجملة فهذه ظلمات بعضها فوق بعض وتوسيع لدائرة التقليد المنهي عنه بالكتاب والسنة
قوله ولا قياسا لمسألة الخ
أقول إنما يعرف الأصل والفرع والعلة والحكم كما ينبغي المجتهد المطلق وأما من كان مقلدا فمعرفته لذلك مجرد دعوى لأن أصالة الأصل وفرعية الفرع وعلية العلة تستمرى من علوم لا يدري المقلد ما هي فضلا عن أن يفهمها بوجه من الوجوه
من أين له الوقوف على محل التعارض حتى يصير إلى الجمع عند إمكانه أو الترجيح عند عدمه فإنه إنما يقتدر على هذا على وجه الصحة من يقتدر على الجمع أو الترجيح عند تعارض الأدلة
وعلى تقدير أنه قد بلغ إلى هذه الرتبة ووصل إلى هذه المنزلة فهو مجتهد لا مقلد فما له وللاشتغال بكلام مجتهد مثله
قوله وفي جواز تقليد إمامين الخ
أقول هذا قد أغنى عنه قوله فيما تقدم والتزام مذهب إمام معين أولى ولا يجب فإن هذا يفيد جواز تقليد إمامين وأكثر ومن لازم الجواز أن يكون مخيرا بين أقوالهم مع الاختلاف فتصريحه هنا بأن في الجواز خلاف مخالف لقوله فيما تقدم ولا يجب لأن نفي الوجوب يوجب الجواز وهذا ظاهر لا يخفى
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[10 - 02 - 04, 01:38 م]ـ
ص29
كتاب الطهارة
ص31
باب النجاسات
هي عشر ما خرج من سبيلي ذي دم لا يؤكل أو جلال قبل الاستحالة والمسكر وإن طبخ إلا الحشيشة والبنج ونحوهما والكلب والخنزير والكافر وبائن حي ذي دم حلته حياة غالبا والميتة إلا السمك وما لا دم له وما لا تحله الحياة من غير نجس الذات وهذه مغلظة وقيء من المعدة ملأ الفم دفعة ولبن غير المأكول إلا من مسلمة حية والدم وأخواه إلا من السمك والبق والبرغوث وما صلب على الجرح وما بقي في العروق بعد الذبح وهذه مخففة إلا من نجس الذات وسبيلي ما لا يؤكل وفي ماء المكوة والجرح الطري خلاف وما كره أكله كره بوله كالأرنب
قوله ما خرج من سبيلي ذي دم لا يؤكل
أقول حق استصحاب البراءة الأصلية واصالة الطهارة أن يطالب من زعم بنجاسة عين من الأعيان بالدليل فإن نهض به كما في نجاسة بول الآدمي وغائطه والروثة فذاك وإن عجز عنه أو جاء بما لا تقوم به الحجة فالواجب علينا الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة
وبهذا تعرف أن الاستدلال بمفهوم حديث جابر والبراء بلفظ لا بأس ببول ما أكل لحمه على نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه لا تقوم به الحجة فإن في إسناد حديث جابر
ص32
عمرو بن الحصين العقبلي قال أبو حاتم ذاهب الحديث ليس بشيء وقال أبو زرعة واهي الحديث وقال الأزدي ضعيف جدا يتكلمون فيه وقال الدارقطني متروك
¥