تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الفضيل والله ولو يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئًا لأعطاك مولاك كما تريد، قال بعضهم:

قَالُوا حُظُوضٌ وَأَقسَامٌ فقُلَتُ لَهُمْ

(نَعَمْ ولَكِنْ عَلَيْنَا السَّعْيُ والطَّلَبُ

(ولِلْمَطَالِبِ أَسْبَابٌ مُقَدَّرةٌ

(وَبَذْلُ سَعيِكَ في مَطْلُوبِكَ السَّبَبُ

(آخر:

عَلامَ سُؤَالُ الناسِ والرِّزْقُ وَاسعٌ

(وأَنْتَ صَحِيحٌ لم تَخُنْكَ الأصَابعُ

(فَكُنْ طَالِبًا لِلرِّزْقِ من رَازِقِ الغِنَى

(وخَلِّ سُؤالَ الناسِ فالله صَانِعُ

(ومنها: أن العبد إذا اشتد عليه الكرب فإنه يحتاج حينئذٍ إلى مجاهدة الشيطان لأنه يأتيه فيقنطه ويسخطه فيحتاج العبد إلى مجاهدته ودفعه فيكون في مجاهدة عدوه ودفعه دفع البلاء عنه.

ولهذا في الحديث الصحيح: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي فيدع الدعاء».

ومنها: أن المؤمن إذا استبطأ الفرج وأيس منه ولاسيما بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر له أثر الإِجابة رجع إلى نفسه باللائمة ويقول لها: إنما أُتِيتُ من قِبلِك ولو كان فيك خير لأجبت.

وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير من الطاعات فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه وتفريج الكرب، فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله. على قدر الكسر يكون الخير.

قال وهب: تعبد رجل زمانًا ثم بدت له إلى الله حاجة فصام سبعين سبتًا يأكل في كل سبت أحد عشرة تمرة ثم سأل الله حاجته فلم يعطها فرجع إلى نفسه فقال منك أُتيت، لو كان فيك خير لأعطيت حاجتك.

فنزل إليه عند ذلك ملك فقال: يا ابن آدم ساعتك هذه خير من عبادتك التي مضت وقد قضى الله حاجتك.

أهين لهم نفسي لكي يكرمونها

(ولن تكرم النفس التي لا تهينها

(

فمن تحقق هذا وعرفه وشاهده بقلبه علم أن نعم الله على عبده المؤمن في البلاء أعظم من نعمه عليه في الرخاء.

وهذا تحقيق معنى الحديث الصحيح عن النبي ?: «لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له وليس ذلك إلا للمؤمن».

ومن ها هنا كان العارفون بالله لا يختارون إحدى الحالتين على الأخرى بل أيهما قدر الله رضوا به وقاموا بعبوديته اللائقة.

وفي المسند، والترمذي عن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ?: «عرض علي ربي بطحاءِ مكة ذهبًا فقلت: لا يا رب ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا، فإن جعت تضرعت إليك وذكرتك وإن شبعت شكرتك وحمدتك».

قال عمر: ما أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره. وقال عمر بن عبد العزيز: أصبحت ومالي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر.

وَكَنُ بالذي قد خَطَّ باللوح رَاضِيًا

(فلا مَهْرَبٌ مِمَّا قَضَاهُ وَخَطَّهُ

(وإنَّ مَعَ الرِزْقِ اشْتراطُ التِمَاسِهِ

(وقد يَتَعَدَّى إن تَعَدَّيْتَ شَرْطَهُ

(فلو شاء ألْقَى في فِمَ الطيْرَ قُوتَهُ

(ولكنَّّهُ أوْحَى إلى الطَّيْرِ لَقْطَهُ

(فائدة عظيمة النفع:

التَّوحِيدْ مَفْزَعُ أَعْدَاءِ اللهِ وَأَوْلِيائِهِ فَأمَّا أَعْدَاؤُه فيُنجِيهِم مِن كربِ الدنيا.

قال تعالى: ? فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ? وَأَمَّا أَوْلِيَاؤُهُ فَيُنَجِيهِم بِهِ مِن كربِ الدنيا والآخرة وَشدَائدِها.

ولِذَلِكَ فَزِعَ إِليه يُونُسُ فنجَّاه الله مِن تِلكَ الظُلماتِ وفَزِعَ إِليهِ أَتْبَاعُ الرُسُل فنجَو به مِمَّا عَذَّبَ بِِهِ المشركون في الدنيا وما أَعَدَّ لَهُمْ في الآخِرة.

ولما فَزِعَ إِليه فِرْعون عندَ مُعَايَنة الهَلاك وإدْرَاكِ الغَرقِ لَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ.

لأِنَّ الإِيمانَ عِنْدَ المعاينة لا يُقْبَل هذه سنة الله في عِبادِهِ.

فما دُفِعَتْ شَدَائِدُ الدنيا بِمِثْلِ التَّوْحِيدْ.

ولذلِكَ كَان دُعَاء الكَرْبِ التوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فَرَّج اللهُ كَرْبَهُ بالتوحيد.

فلا يُلْقِي في الكرَبِ العَظائم إلا الشِّرك.

ولا يُنْجِي منها إلا التوحيد.

فهو مَفْزعُ الخَلِيقَةِ ومَلْجَؤهَا وحِصْنُها وغِيَاثُها.

شِعْرًا: عَلَيْكَ بِتَوحِيدِ الإِله فَإِنَّهُ

(نَجَاةٌ فَلا تُهْمِلْ كَلامي وَخُذْ بِهِ

(شِعْرًا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير