ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 01 - 09, 03:32 م]ـ
موعظة
عباد الله: تَصَرَّمَت الأَعْوامُ عَامًا بَعْدَ عَام، وأنتم في غَفْلَتِكمُ ساهون نيام. أما تُشَاهِدُونَ مَواقِع المنايا، وحلولَ الآفاتِ والرَّزَايَا. وَكيفَ فاز وأفلحَ المتقون، وكيفَ خَابَ وخَسرَ المبطلون المفرطون، فياليتَ شِعْرِي على أي شيءٍ تُطْوَى صَحَائِفُ الأعمال. أعَلىَ أعْمالٍ صَالِحَةٍ وتوبةٍ نَصُوح تُمْحَى بها الآثامْ؟ أم علىَ ضِدهَا فَلْيَتُبِ الجاني إلى رَبِّه فالعملُ بالخِتام. فاتقوا الله عبادَ اللهِ واستدِركُوا عُمُرًا ضيعتمُ أَوَّلَهُ، فإنَّ بَقَيِةَ عُمُرِ الْمُؤْمِنِ لا قيمة له. فرحِمَ اللهُ عَبْدًا اغتنمَ أيامَ القُوةِ والشبابِ وأسرعَ بالتوبةِ والإنابةِ قَبلَ طي الكِتابْ، وأخَذَ نَصِيبًا مِن الباقياتِ الصالحات قَبْلَ أن يَتَمَنَّى سَاعةً وَاحِدَةً مِنْ سَاعَاتِ الْحَيَاةِ. أينَ مَنَ كان قَبْلَكُم في الأوقاتِ الماضيةِ؟ أما وَافَتْهَمُ المنايا وَقَضَتْ عَليهم القَاضيَةُ، أين آباؤُنَا؟ وأينَ أمهَاتنا؟ أينَ أقارِبُنَا؟ وأينَ جِيرَانُنا؟ أَيْنَ مَعَارفُنا؟ وأينَ أصْدِقَاؤنَا؟ رَحَلُوا إلى القُبور وقلَّ واللهِ بَعدهَم بقَاؤُنا. هَذِهِ دُورُهَمُ فِيهَا سِوَاهمُ، هَذا صَدِيقُهم قَد نَسِيَهَمْ وَجَفَاهمُ. أخبارهُم السَّالَفةُ تُزعجُ الأَلْبَابْ، وادِّكَارِهُم يَصْدَعُ قُلُوبَ الأحباب. وأَحْوَالَهُم عِبرةٌ لِلْمُعْتَبِرينَ. فتأملوا أَحْوال الراحلين، واتعظُوا بالأمَمِ الماضِين، لعل القلبَ القاسيَ يلين. وانْظُرُوا لأَنْفُسِكم ما دُمْتُمْ في زَمَنِ الإمهالِ، واغْتَنِمُوا فِي حَيَاتِكمُ صَالحَ الأعمالِ، قَبلَ أن تقولَ نفسٌ: يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ، فيقالُ: هَيْهَاتَ فَاتَ زَمَنُ الإِمْكَانِ، وَحَصَلَ الإِنْسَانُ على عَمَلِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ عِصْيَان. فَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ يَا كَرِيمُ يَا مَنَّان أن تختم أعمالنا بالعفو والغفران، والرحمة، والجود والامتنان، وأن تجعل وقتنا مباركًا حميدًا، وَتَرْزُقَنَا فِيهِ رِزْقًا واسِعًا وتَوفيقًا وَتَسْدِيدًا. اللَّهُمَّ اخْتمُ بالصالحاتِ أعمالنا، وأصلح لنا جميع أحوالنا.
أَفي كُلَّ يَوْمِ لي مُنَىً أَسْتَجدُّهَا
(وَأَسْبَابُ دُنْيًا بِالغرورُ أَوَدُّهَا؟
(
وَنَفْسٌ تَزَيَّا لَيْتَهَا في جَوَانِحٍ
(لِذِي قُوَّةٍ يَسْطِيعُهَا فَيَرُدُّهَا
(تَعَامَهُ عَمْدًا وَهِيَ جِدُّ بَصيرَةً
(كَمَا ضَلَّ عَنْ عَشَواءَ باللّيلِ رًشْدُهَا
(إِذَا قُلْتُ يَوْمًا: قَدْ تَنَاهَى جِمَاحُهَا
(تَجَانَف لي عَنْ مَنْهَج الحَقِّ بُعْدُهَا
(وَأَحسَبُ مَولاهَا كَما يَنْبَغي لَهَا
(وَإِنِّي مِنْ فَرْطِ الإِطَاعَةِ عَبْدُهَا
(وَأْهَوَى سَبِيلاً لا أُرَى سَالِكًا بِهَا
(كَأَنِّي أَقْلاهَا وَغَيرِي يَوَدُّهَا
(وَأَنْسَى ذُنُوبًا لِي أَتَتْ فَاتَ حَصْرُهَا
(حِسَابِي وَرَبِّي لِلْجَزَاءِ يَعُدُّهَا
(أُقرُّ بِهَا رَغْمًا وَلَيْسَ بِنَافعِي
(-وَقَدْ طُوِيَتْ صُحْفُ المَعَاذِيرُ- جَحْدُهَا
(وَلَمْ أَرَ كَالدُّنْيا تَصُدُّ عَنِ الذي
(يَوَدُّ مُحِبُّوهَا فَيَحْسُنُ صَدُّهَا
(وَتَسْقِيهُمُ منِهْاَ الأُجَاجَ مُصَرَّدًا
(وَكَيْفَ بِهَا لَوْ طَابَ لِلْقَوم عدُّها؟
(أَرَاهَا عَلَى كُلِّ العُيُوب حَبِيبَةً
(فَيَا لِقُلُوبَ قَدْ حَشَاهُنَّ وُدُّهَا
(وَحُبُّ َبني الدُّنيا الحياة مَسِيئَةً
(بِهِمْ ثَلَمَةٌ بِالنَّفْسِ أَعْوزَ سَدُّها
(سَقَى الله قَلْبًا لَمْ يَبِتْ فِي ضُلُوعِهِ
(هَواهَا وَلَمْ يَطْرُقْ نَوَاحِيهِ وَجْدُهَا
(تَخَفَّفَ مِن أَزْوَادِهَا مِلْءَ طَوْقِهِ
(فَهَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَقدُها
(اللَّهُمَّ يَا مَنْ عَمَّ البَرِيَّةِ جُودُهُ وَإِنْعَامِهُ نَسْأَلُكَ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانكِ، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فصل في مَشْرُوعِ صَلاةِ الوِتْرَ، وَحُكْمَهَا.
وَوَقْتِ صَلاةِ الوِتْرَ.
¥