وَعَنْ أَبِي مَوْسىَ الأَشْعَرِي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ ? أَنَّهُ قَالَ: «تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنْ - فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه - لَهُوْ أَشَدَّ تَفَلُّتًا مِنْ الإِبْلِ مِنْ عُقُلِهَا». رَوَاهُ البخاري، ومسلم. وَعَنْ ابن عُمَرَ - رَضِي اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رسولَ اللهِ ? قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرآنِ كَمَثَلِ الإِبلِ الْمُعَلَّقَةْ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطَلْقَهَا ذَهَبَتْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - تَكَفَّلَ الله لِمَنْ قَرَأ القُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَنْ لا يَضِلَّ في الدُّنْيَا وَلا يَشْقَى في الآخرة، ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالى: ? فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ?. أ. هـ.
وَرَوَى أَنَسٌ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ ? قَالَ: «عُرضَتْ عَلَيَّ أَجُورَ أُمَّتِي حَتَّى القِذَاةَ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ المسجدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبَ أمتي فلمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَة منِ القرآنِ أَوْ آيَةٍ أَوُتيِهَا الرَّجُلَ ثُمَّ نَسِيَهَا». وَيَا لِلأَسفِ اسْتَبْدَلُوا الْخَبِيثَ بالطَّيِّبِ أَكَبَّوا عَلَى الجَرَائِدِ وَالمَجَّلاتِ وَالكُتُبِ الْخَلِيعَاتِ بَدَل تِلاوَةِ كِتَابِ الله فَلا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا باللهِ العَلي العظيم، وهو حَسْبُنَا ونَعْمَ الوَكِيل.
شِعْرًا:
قَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ حَتَّى
(لَمْ أَجِدْ شَخْصًا أَمِينَا
(وَانْتَهَتْ حَالِي إِلى أَن
(صِرْتُ في البَيْتِ حَزِينَا
(أَمْدَحُ الوَحْدَةَ حِينًا
(وَأَذُّمُ الْجَمْعَ حِينَا
(إِنَّمَا السَّالِمُ مَنْ لَمْ
(يَتَّخِذْ خَلْقًا قَرِينَا
(وَفِي الْحَدِيثِ الذي رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَغَيْرُه عَنْ عَلَيَّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ? «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنٌ». قُلْتُ: فمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسُنُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَشْبَعُ مِنْهُ العُلَماءُ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(فَصْلٌ): إِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ القُرْآنِ قَدْ بُيِّنَ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ العِبَادِ مِنْ أَصُولِ الدِّينِ وَفُروعِهِ وأحكام الدَّارِينِ حَتَّى أَنَّهُ تَعَالى يُثَنِّي الأُمُورَ الكِبَارَ التِي يَحْتَاجُ القَلْبُ لِمُرُورِهَا عَلَيْهِ كُلَّ وَقِتِ وَإِعَادَتِهَا فِي كُلِّ سَاعَةِ بَألفاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَدلةٍ مُتَنَزِّعَةٍ لِتَسْتَقِرَّ في القلوبْ.
¥