تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اقْشَعْرَّتِ الأَرْضُ وَأظْلَمَتِ السَّمَاءُ وَظَهَرَ الفَسَادُ في البرِّ وَالبَحْرِ مِنْ ظُلْمِ الفَجَرَةِ، وَذَهَبَتْ البَرَكَاتُ وَقلّتِ الْخَيْرَاتُ، وَهَزلَتِ الوحْشُ وَتَكَدَّرْتِ الْحَيَاةُ مِنْ فِسْقِ الظَّلَمةِ وَبَكَى ضُوءُ النَّهَارِ وَظُلْةُ اللَّيْل مِنْ الأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ والأَفْعَالِ الفَظِيعَةِ، وَشَكَا الكِرَامُ الكَتابُونَ وَالْمُعَقَّباتُ إلى رَبِّهم مِنْ كَثْرَةِ الفَواحِشِ وَغَلَبَةِ الْمُنْكَرَاتِ وَالقَبَائِحْ.

وَهَذَا وَالله مُنْذِرُ بِسَيْلِ عَذَابٍ قَدْ انْعَقَدَ غَمَامُهُ وَمُؤذِنٌ بَلِيْلِ قَدْ ادْلَهَمَّ ظَلامُهُ فَاعْزِلوا عَنْ طَرِيق هذا السَّيلُ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ مَا دَامتِ التَّوبَةُ مُمْكِنَةٌ وَبَابُها مَفْتُوحًا وَكَأَنَّكُمُ بِالْبَابِ وَقَدْ أَغُلِقُ وَبالرَّهْنِ وَقَدْ غَلِقَ وَبِالْجِنَاحِ وَقَدْ عَلِقَ وَسَيَعْلَمُ الذِين ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون.

وَقَالْ:

واللهِ مَا خَوْفِي الذُّنُوبَ فَإِنَّها

(لَعَلَى سَبِيلِ الْعَفْوِ وَالغُفْرَانِ

(لَكِنَّمَا أَخْشَى انْسِلاخَ القَلْبِ مِنْ

(تَحْكِيمِ هَذَا الوحْي والقُرْآنِ

(وَرِضَا بآرَاءَ الرِّجَالِ وَخُرْصِهَا

(لا كَانَ ذَاكَ بِمِنَّةِ الْمَنَّانِ

(فَبأيّ وَجْهٍ أَلْتَقِي رَبِّي إِذَا

(أَعْرَضْتُ عَنْ ذَا الوَحْي طُولَ زَمَانِ

(وَعَزْلتُهُ عَمَّا أُرِيدُ لأَجْلِهِ

(عَزْلاً حَقِيقِيًا بلا كِتْمَانِ

(اللَّهُمَّ ألْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَوَفِّقْنَا لِلْقِيَامِ بِحَقِّكَ وَبَارِكْ لَنَا فِي الْحلال مِنْ رِزْقَكَ وَلا تَفْضَحْنَا بَيْنَ خَلْقِكَ، يَا خَيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجَاهُ رَاجٍ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ وَمُجِيب الدّعَواتِ هَبْ لَنَا مَا سَأَلْنَاهُ وَحَقِّقْ رَجَاءَنَا فِيمَا تَمَنَّيْنَاهُ يَا مِنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلين وَيَعْلَمُ مَا فِي ضَمَائِر الصَّامِتِينَ أَذِقْنَا بِرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاوَةَ مَغْفِرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.

(فصل في ذكر طرق مما حدث في بعض السنين من الأزبية والأمراض)

أْجْدَبَتِ الأَرضُ في سنةِ ثماني عشرة فكانت الريحُ تسقِي تُرابًا كالرماد فسُمِّي عامَ الرمادة وجعلتِ الوحُوشُ تَأْوِي إلى الإنس، فآلىَ عُمَرُ ألا يذوق سمنًا ولا لبنًا ولا لحمًا حتى يحيى الناسُ واستسقَى بالعباس فَسُقُوا.

وفيها كان طاعون عَمَواسٍ مات فيه أبُو عُبيدةَ، ومُعَاذُ، وأَنسُ وفي سنة أربع وستين وقع طاعون بالبصرة وماتَتْ أُمُ أمِيرِهِم فما وَجَدُوا من يَحْمِلَها.

وفي سنة ست وتسعين كان طاعون الجارفُ هَلكَ في ثلاثة أيامٍ سَبْعُونَ ألْفًا وماتَ فيه لأَنَسٍ ثَمَانُون ولَدًَا وكانَ يموتُ أهلُ الدارِ فَيُطَيَّنُ البابُ عليهم.

وفي سنة إحدى وثلاثين ومائة ماتَ أول يوم في الطاعون سَبْعُونَ ألْفًا في الثاني نَيِّفٌ وسبعون ألفًا وفي الثالث خمد الناس.

وفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة ذُبِحَ الأطفالُ وأُكِلَتُ الجيفُ وبيعَ العَقَارُ بِرُغْفَان واشْتَرى لِمُعِزِّ الدَّوْلَة كَرُّ بِعَشْرِينَ أَلفٍ دَرهم.

وفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة أصابَ أهل البصرةِ حَرٌّ فكانوا يتساقطون مَوْتَى في الطُّرقَاتِ.

وفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة عَمَّ القُحْفُط فأُكِلتِ الميتةُ وبلغ المكوك من برز البقلة سَبْعَ دَنَانِير، والسفر جَلَةُ، والرمانةُ دِينَارًا، والخيارةُ واللينوفرةُ دينارًا، وَوَرَدَ الخبرُ من مِصر بأن ثلاثةً مِن اللُّصُوص نَقَبُوا دَارًا فوُجِدُوا عندَ الصباح مَوْتَى أحَدُهم على بابِ النقبِ، والثاني على رَأْسِ الدَّرَجَةِ، والثالثُ على الثياب الْمُكَوَّرَةِ.

وفي السنة التي تليها وقعَ وَبَاءٌ فكان تُحْفَرُ زِيبةٍ لِعَشْرِينَ وَثَلاثِينِ فَيُلْقَونَ فِيها وتابَ الناسُ كُلُّهم وَأَرَاقُوا الخمورَ وَلزِمُوا المساجدَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير