وَكَذَلِكَ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ وَالقَولُ كَمَا يَقُولُ أَفْضَلُ مِنْ القِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ فَضْلُ القُرْآنِ عَلى كُلِ كَلامٍ كَفَضْلِ اللهِ تَعَالى عَلَى خَلْقِهِ لَكِن لِكُلِ مَقَامٍ مَقَالٍ مَتَى فَاتَ مَقَالَهُ فِيهِ وَعَدَلَ عَنْه إلى غيرِهِ اخْتَلَّتْ الْحَكِمةُ وَفُقِدَتِ الْمَصْلَحَةُ مِنْهُ.
عَلَيْكَ بِذِكْرِ الله دَوْمًا فَإِنَّهُ
(بِهِ يَطْمَئِنُّ القَلْبُ فألْزَمْهُ تَسْعَدِ
(
آخر:
جَمْعُ الكُتْبِ يُدْرِك مَنْ قَرَاهَا
(مَلالٌ أَوْ فُتُورٌ أَوْ سَآمَةْ
(سِوَى القُرْآنِ فَافْهَمْ وَاسْتَمِعْ لِي
(وَقَولِ الْمُصْطَفَى يَا ذَا الشَّهَامَةْ
(
وَهَكَذَا الأَذْكَارُ الْمُقَيَّدَةُ بِمَحَالٍ مَخْصُوصَةٍ أَفْضَلُ مِنْ القِرَاءَةِ الْمُطْلَقَةُ، وَالقِرَاءَةُ الْمُطْلَقَةُ أَفْضَلُ مِن الأَذْكَارِ الْمُقَيَّدَةِ بِمَحَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَالقِرَاءَةُ الْمُطْلَقَةُ أَفْضَلُ مِن الأَذْكَارِ الْمُطْلَقَةِ، اللَّهُمَّ إِلا أَنْ يَعْرُضَ لِلْعَبْدِ مَا يَجْعَلَ الذِّكْرَ أَوْ الدُّعَاءِ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ القُرْآنِ مِثَالُهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ في ذُنُوبِهِ فَيُحْدِثُ لَهُ تَوْبَةً مِنْ اسْتِغْفَارٍ أَوْ يَعْرُضُ لَهُ مَا يَخَافُ أذَاهُ مِنْ شَيَاطِين الإنْسِ وَالْجِنِ فَيَعْدِلَ إِلى الأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ التِي تُحَصِّنُهُ وَتَحُوطُه.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَدْ يَعْرِضُ لِلْعَبْدِ حَاجَةٌ ضَرُورِيَّةٌ إِذَا اشْتَغَلَ عَنْ سُؤَالِهَا بِقَرَاءً وَذَكْرٍ لَمْ يَحْضُرْ قَلْبُهُ فِيهَا وَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى سُؤَالِهَا وَالدُّعَاءِ إِلَيْهَا اجْتَمَعَ قَلْبُهُ كُلُهُ عَلَى اللهِ تَعَالى وَأَحْدَثَ لَهُ تَضَرُّعًا وَخُشُوعًا وَابْتِهَالاً فَهَذَا قَدْ يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بالدُّعَاءِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ أَنْفَعُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ القِرَاءَةِ وَالذِّكِرْ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ أَجْرًا.
شِعْرًا:
وَمَن يُنْفِقُ السَّاعَاتِ في ذِكْرِ رَبِّهِ
(يَعِيشُ حَمِيدًا وَهُوَ في الْحَشْرِ مُكْرَمُ
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله ?: «إن للهِ مَلائكةٌ يَطُوفُونَ في الطُّرُق يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهِ تَنَادُوا: هَلِمُّوا إلى حَاجَتِكُمْ.
قَالَ: فَيَحُفُونَهُم بأجنِحَتِهِم إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْأَلُهُم رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلمُ بِهِم مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالَ: يَقُولونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ
ويُمَجِّدُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْن؟ قَالَ: فَيَقُولُون: لا واللهِ ما رَأَوْكَ قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي.
قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ: فَيَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونَ؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لا وَاللهِ يَا رَبُّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا.
قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا لَكَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِن النارِ. قَالَ: فَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لا واللهِ يَا رَبُّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يَقُول: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوَا أَشَدَّ فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً.
قَالَ: فَيَقُولُ: فأُشْهِدُكُمْ أَنِّي غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلائِكَةِ: فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنْهم إِنَّما جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الْجُلَسَاءُ لا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ». وَلِذَلِكَ حَثَّ ? على الْجُلُوسِ في مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَشَبَّهَهُ بِرَوْضَةِ الْجَنَّةِ.
¥