(تَكْسُ الرِّجَال مَهَابَةً وَجَلالا
(وَهيَ الطَّرِيقُ لِمَنْ أَرَادَ السَّلامَة
(وَهِيَ السَّلاحُ لِمَنْ أَرَادَ جِدَالا
(
بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ وَنَزَاهَةً، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ، لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكبْرٍ وَعَظَمَةٍ، وَلا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ.
قَالَ: فَصَعَقَ هَمَّامُ صَعْقَةً كَانْتَ نَفْسُهُ فِيهَا. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَمَّا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا تَصْنَهُ الْمَوَاعِظُ البَالِغَةُ بِأَهْلِهَا فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ لِكِلِّ أَجَلٍ وَقْتًا لا يَعْدُوهُ وَسَبَبًا لا يَتَجَاوَزُه. أ. هـ.
شِعْرًا:
عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ لا تَتْرُكُونَهَا
(فَإِنَّ التُّقَى أَقْوَى وَأَوْلَى وَأَعْدَلُ
(لِبَاسُ التُّقَى خَيْرُ الْمَلابس كُلِّهَا
(وَأَبْهَى لِبَاسًا في الوُجُودِ وَأَجْمَلُ
(فَمَا أَحْسَنَ التَّقْوَى وَأَهْدَى سَبِيلَها
(بِهَا يَنْفَعُ الإِنْسَانَ مَا كَانَ يَعْمَلُ
(فَيَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ بادِر إلى التُّقَى
(وَسَارِعْ إلى الْخَيْرَاتِ مَا دُمْتَ مُمْهَلُ
(وَأَكْثِرْ مِن التَّقْوَى لِتَحْمِدَ غِبَّهَا
(بِدَارِ الْجَزَاء دَارٍ بِهَا سَوْفَ تَنْزِلُ
(وَقَدِّمْ لِمَا تَقْدَمْ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا
(غَدًا سَوْفَ تُجْزَى بالذِي سَوْفَ تَفْعَلُ
(وَأَحْسِنْ وَلا تُهْمِلْ إِذَا كُنْتُ قَادِرًا
(فَأَنْتَ عَنْ الدُّنْيَا قَرِيبًا سَتَرْحَلُ
(وَأَدِّ فُرُوضَ الدِّينِ وَأتْقِنْ أَدَاءَهَا
(كَوَامِلَ في أَوْقَاتِهَا وَالتَّنفل
(وَسَارِعْ إِلى الْخَيْرَاتِ لا تَهْمِلنَّهَا
(فَإِنَّكَ إِنْ أَهْمَلْتَ مَا أَنْتَ مُهْمَلُ
(وَلَكِنْ سَتُجْزَى بالذي أَنْتَ عَامِلٌ
(وَعَنْ مَا مَضَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سَتُسْأَلُ
(وَلا تُلْهِكَ الدُّنْيَا فَرَبُّكَ ظَامِنٌ
(لِرِزْقِ البَرَايَا ظَامِنٌ مُتَكَفِلُ
(وَدُنْيَاكَ فَاعْبُرْهَا وَأخْرَاكَ زِدْ لَهَا
(عَمَارًا وَإِيثَارًا إِذَا كُنْتَ تَعْقِلُ
(فَمَنْ آثرَ الدُّنْيَا جَهُولٌ وَمَنْ يَبِعْ
(لأُخْرَاهُ بِالدُّنْيَا أَضَلُّ وَأَجْهَلُ
(وَلَذَّاتُهَا وَالْجَاهُ وَالعِزُ وَالغِنَى
(بَأَضْدَادِهَا عَمَّا قَلِيلٍ تَبَدَّلُ
(
فمَنْ عَاشَ في الدُّنْيَا وَأَطَالَ عُمْرُهُ
(فَلا بُدَّ عَنْهَا رَاغِمًا سَوْفَ يُنْقَلُ
(وَيَنْزِلُ دَارًا لا أَنِيسَ لَهُ بِهَا
(لِكُلِ الوَرَى مِنْهُمْ مَعَادٌ وَمَوْئِلُ
(وَيَبْقَى رَهِينًا بالترابِ بِمَا جَنَى
(إلى بَعْثِهِ مِنْ أَرْضِهِ حِينَ يَنْسِلُ
(يُهَالُ بَأَهْوَالٍ يَشِيبُ بِبِعْضِهَا
(وَلا هَوْلَ إلا بَعْدَهُ الْهَوْلَ أَهْوَلُ
(وَفِي البَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَشْرُ صَحَائِفِ
(وَمِيزَانُ قِسْطٍ طَائِشٍ أَوْ مُثَقَّلُ
(وَحَشْرٌ يَشِيبٌ الطفْلُ مِنْهُ لِهَوْلِهِ
(وَمِنْهُ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتُ تَزَلْزَلُ
(وَنَارٌ تَلَظَّى في لَظَاهَا سَلاسِلٌ
(يُغَلُّ بِهَا الفُجَارُ ثُمَّ يُسَلْسَلُ
(شَرَابُ ذَوِي الإِجْرَامِ فِيهَا حَمِيمُهَا
(وَزقُومُهَا مَطْعُومُهُمْ حَيْنَ يُؤَكَلُ
(حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِثْلُهُ
(مِنْ الْمُهْلِ يَغْلِي في البُطُونِ وَيَشْعَلُ
(يَزِيدُ هَوْانًا مِنْ هَوَاهَا وَلا يَزَلْ
(إِلى قَعْرِهَا يَهْوِي دَوَامًا وَيَنْزِلُ
(وَفِي نَارِهِ يَبْقَى دَوَامًا مُعَذَّبًا
(يَصِيحُ ثُبُورًا وَيْحَهُ يَتَوَلْوَلُ
(عَلَيْهَا صِرَاطٌ مَدْحَضٌ وَمَزَلَّةٌ
(عَلَيْهِ البَرَايَا فِي القِيَامَةِ تُحْمَلُ
(وَفِيهِ كَلالِيبٌ تَعَلَّقُ بالوَرَى
(فَهَذَا نَجَا مِنْهَا وَهَذَا مُخْرَدَلُ
(فَلا مُذِيبٌ يَفْدِيهِ مَا يَفْتَدِي بِهِ
(وَإِنْ يَعْتَذِرْ يَوْمًا فَلا الْعُذْرُ يُقْبَلُ
(فَهَذَا جَزَاءُ الْمُجْرِمِينَ عَلَى الرَّدَى
(وَهَذَا الذِي يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْصُلُ
(أَعُوذُ بِرَبِّي مِن لَظَى وَعَذَابِهَا
(وَمِنْ حَالِ مَنْ يَهْوي بِهَا يَتَجَلْجَلُ
(وَمَنِ حَالِ مَنْ فِي زَمْهَرِيرٍ مُعَذَّبٍ
¥