" وفيها أثبت اللّه أن الخير مهما كان سيجازى عليه صاحبه، وأن الشر مهما كان سيجازى عليه صاحبه، كل ذلك يوم القيامة. " (5)
ثم تلاه دروزة رحمه الله في التفسير الحديث، حيث ذكر ذلك في مقدمة كل سورة، ولكن بشكل موجز، لكنه أكثر من التفسير الواضح، يقول في تفسير سورة الزلزلة:
" في السورة إنذار بيوم القيامة وهوله وحسابه. وحثّ على الخير وتحذير من الشرّ بصورة عامة ..... " (6)
وتلاه السيد رحمه الله في الظلال،فقد حلَّق تحليقاً عجيباً في الكلام على موضوعات السور، بكلام بديع، قال مقدمة تفسير سورة الفاتحة:
"يرددُ المسلم هذه السورة القصيرة ذات الآيات السبع، سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة على الحد الأدنى وأكثر من ضعف ذلك إذا هو صلَّى السنن وإلى غير حد إذا هو رغب في أن يقف بين يدي ربه متنفلا، غير الفرائض والسنن. ولا تقوم صلاة بغير هذه السورة لما ورد في الصحيحين عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبادة بن الصامت: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
إن في هذه السورة من كليات العقيدة الإسلامية، وكليات التصور الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجهات، ما يشير إلى طرف من حكمة اختيارها للتكرار في كل ركعة، وحكمة بطلان كل صلاة لا تذكر فيها .. .. " (7)
ثم جاء الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير، فذكر أهم ما اشتملت عليه السورة في بداية كل سورة، ولكن بشكل أوسع ودقيق، يقول في بداية سورة النصر بعد تعريفه بها:
" والغَرض منها الوعد بنصر كامل من عند الله أو بفتح مكة، والبشارة بدخول خلائق كثيرة في الإسلام بفتح وبدونه إن كان نزولها عند منصرف النبي (- صلى الله عليه وسلم -) من خيبر كما قال ابن عباس في أحد قوليه.
والإِيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك فقد اقترب انتقال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) إلى الآخرة.
ووعدُه بأن الله غفر له مغفرة تامة لا مؤاخذة عليه بعدها في شيء مما يختلج في نفسه الخوف أن يكون منه تقصير يقتضيه تحديد القوة الإنسانية الحدَّ الذي لا يفي بما تطلبه همَّتُه المَلَكية بحيث يكون قد ساوَى الحد الملَكي الذي وصفه الله تعالى في الملائكة بقوله: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون ((الأنبياء: 20)." (8)
ثم تلاه الخطيب رحمه الله (9) في التفسير القرآني بالقرآن، فقد ذكر مناسبة كل سورة لما قبلها بشكل دقيق جدا، يقول في مناسبة سورة المسد لما قبلها:
"كانت سورة «النصر» ـ كما قلنا ـ مددا من أمداد السماء، تحمل بين يديها هذه البشريات المسعدة للنبىّ وللمؤمنين، وتريهم رأى العين عزّة الإسلام، وغلبته، وتخلع عليهم حلل النصر، وتعقد على جبينهم إكليل الفوز والظفر. وتحت سنابك خيل الإسلام المعقود بنواصيها النصر، والتي هى على وعد من اللّه به ـ حطام هذا الطاغية العنيد الذي يمثّل ضلال المشركين كلّهم، ويجمع فى كيانه وحده، سفههم، وعنادهم، وما كادوا به للنبىّ والمؤمنين .. إنه أبو لهب .. وامرأته حمالة الحطب .. " (10)
وللشيخ الصابوني رحمه الله كتاب عن موضوعات سور القرآن، ثم أودعه في كتابه صفوة التفاسير، والكتاب جيد في بابه، يقول في تعريفه لسورة الكوثر:
"* سورة الكوثر مكية، وقد تحدثت عن فضل الله العظيم على نبيه الكريم، بإعطائه الخير الكثير، والنعم العظيمة في الدنيا والآخرة، ومنها [نهر الكوثر] وغير ذلك من الخير العظيم العميم، وقد دعت الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) إلى إدامة الصلاة، ونحر الهدي شكرا لله [إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر].
* وختمت السورة ببشارة الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) بخزي أعدائه، ووصفت مبغضيه بالذلة والحقارة، والإنقطاع من كل خير في الدنيا والآخرة، بينما ذكر الرسول مرفوع على المنائر والمنابر، واسمه الشريف على كل لسان، خالد إلى آخر الدهر والزمان [إن شانئك هو الأبتر]." (11)
ثم التفسير الوسيط لسيد طنطاوي هدانا الله وإياه، فقد ذكر أهم ما اشتملت عليه السورة في بدايتها، قال في بداية تفسيره لسورة قريش: " ومن أهدافها: تذكير أهل مكة بجانب من نعم اللّه - تعالى - عليهم لعلهم عن طريق هذا التذكير يفيئون إلى رشدهم، ويخلصون العبادة لخالقهم ومانحهم تلك النعم العظيمة. " (12)
¥