تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أي: أنه لا يخبر غيره من الصحابة هل هو مؤمن أو منافق؛ لأن ذلك سِرٌّ عنده أخبره به الرسول عن أسماء المنافقين لِيَعْلَمَ بعد ذلك أن ما عداهم مؤمنون.

وكان منْ حِرْصِ عمر رضي الله عنه أنه لا يصلي على جنازةِ مَنْ جَهِلَ حَالَهُ حتى يصليَ عليها حذيفةُ بْنُ اليمان رضي الله عنه لأنه كان يعلم أعيان المنافقين، وذلك بعد موت رسول الله، وهذا حرص منه رضي الله عنه على امتثال أمر الله، وقد نزلت هذه الآية تصديقًا له وتدعيمًا لِمَوْقِفِهِ وقَوْلِهِ رضي الله عنه، قال الله تعالى: وَلاَ تُصَلّ عَلَى? أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى? قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِ?للَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَـ?سِقُونَ [التوبة: 84]، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن أبيّ دُعِيَ رسولُ الله للصلاة عليه فقام إليه، فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه تحَوَّلْتُ حتى قُمْتُ في صدره فقلتُ: يا رسولَ الله أَعَلَى عَدُوِّ اللهِ ـ عبد الله بن أبيّ ـ القائلِ يوم كذا: كذا وكذا؟ أُعَدِّدُ أيَّامَهُ، قال: ورسول الله يَتَبَسَّمُ حتى إذا أَكْثَرْتُ عليه قال: ((أَخِّرْ عَنِّي يا عُمَرُ، إني خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، قد قيل لي: ?سْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ?للَّهُ لَهُمْ ذ?لِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِ?للَّهِ وَرَسُولِهِ وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِي ?لْقَوْمَ ?لْفَـ?سِقِينَ [التوبة: 80]) قال: ((لو أعلم أني زدتُ على السبعين غُفِرَ له لَزِدْتُ) قال: ثم صلى عليه ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه، قال: فعجبتُ مِنْ جُرْأَتِي على رسول الله، والله ورسوله أعلم. قال: فَوَاللهِ ما كان إلا يسيرًا حتى نَزَلَتْ هاتان الآيتان: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 84، 85]، فما صلى رسول الله بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل.

قال البخاري في صحيحه: قال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي كلهم يخاف النفاق على نفسه. ويُذْكَرُ عن الحسن أنه قال: ما خافه إلا مؤمن ولا أَمِنَهُ إلا منافق.

هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم، يخافون على أنفسهم من النفاق الأصغر أو ما يسمى بالعملي، وليس النفاق الأكبر؛ لأن الأصغر وسيلة النفاق الأكبر، فالنفاق الأصغر أو ما يسمى بالنفاق العملي خمسة أنواع كما وردت في الحديثين السابقين وملخصها: ((إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر)). أما النفاق الأكبر وهو ما يسمى بالنفاق الاعتقادي فهو ستة أنواع: 1 - تكذيب الرسول. 2 - تكذيب بعض ما جاء به الرسول. 3 - بُغْضُ الرسول الله. 4 - بُغْضُ بَعْضِ ما جاء به الرسول الله. 5 - الْمَسَرَّةُ بانخفاض دين الرسول. 6 - الكراهية لانتصار دين الرسول.

والأنواع الستة صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار لأنه وإن كان يصلي ويصوم ويعمل بالعبادات الظاهرة أمام المسلمين للتَّسَتُّرِ ولكنه في حقيقته يُظْهِرُ خِلافَ ما يُبْطِنُ ويعمل ضد الإسلام والمسلمين في الخفاء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله ...

الخطبة الأولى

أما بعد: فإنّ من سعادة المؤمن أن يعيش مع تفسير القرآن العظيم ليفهم كلام ربّ العالمين حين يتلوه أو يُتلى عليه، واليوم نستعرض ما تيسر من سورة المنافقين، حيث بدِئت السورة بوصف طريقة المنافقين في مداراتهم لما في قلوبهم من الكفر، وإعلانهم الإسلام والشهادة بأن النبي هو رسول الله وحلفهم كذبًا ليصدقهم المؤمنون، واتخاذهم تلك الأيمان وقايةً وجُنَّةً يُخْفُون وراءَها حقيقة أمرهم ويخدعون المسلمين بها، قال تعالى: إِذَا جَاءكَ ?لْمُنَـ?فِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ?للَّهِ وَ?للَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ?للَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لَكَـ?ذِبُونَ ?تَّخَذُواْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير