تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - أنه يجتمع بمكة في موسم الحج كل عام الألوف من المسلمين من مختلف الأقاليم، ويمكن من خلال هذا الموسم التأثير على الرأي العام وتوجيهه، وهو ما لا يمكن توافره في أي إقليم.

5 - أن مكة بدأت منذ هجرة النبي × والصحابة إلى المدينة تفقد دورها السياسي؛ وبالتالي فإن قبضة الأمويين عليها لم تكن قوية بعكس وضع المدينة.

6 - وأخيرًا فإن معارضة ابن الزبير مرتبطة بأهل المدينة الذين يقفون معه الموقف نفسه ضد بنى أمية، وبالتالي كان من المناسب أن يكون ابن الزبير

قريبًا من المدينة ليضمن استمرار تأييد أهلها له، ولكي يتمكن من الاتصال المستمر بهم ().

ب- أسباب خروج ابن الزبير ومن معه:

كان مقصد ابن الزبير ? ومن معه - ومن بينهم بعض الصحابة والتابعين كالمسور بن مخرمة، وعبد الله بن صفوان، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وغيرهم من فضلاء عصرهم - هو تغيير الواقع بالسيف لما رأوا تحول الخلافة إلى وراثة وملك، ولما أشيع حول يزيد من شائعات أعطت صورة سيئة للخليفة الأموي في دمشق، والذي ينبغي أن يفهم أن ابن الزبير قام لله، وليس كما يقول البعض، مثل محمد ماهر حمادة عندما قال: وعلى الرغم من أن حركة ابن الزبير لم تكن سوى مزيج عجيب، من عدد من العناصر، يحركها طموح شخصي، وصراع قبلي، التقتا في نفس ابن الزبير، وشخصيته () لقد كان ? يهدف من وراء المعارضة أن تعود الأمة إلى حياة الشورى ويتولى الأمة حينئذ أفضلها، وكان يخشى من تحول الخلافة إلى ملك، وكان يرى ? أنه باستعماله للسيف وتغييره للمنكر بالقوة يتقرب إلى الله ويضع حدًّا لانتقال الخلافة إلى ملك ووراثة، ولهذا لم يدعُ لنفسه حتى توفى يزيد بن معاوية (). وكان ابن الزبير يخطب ويقول: والله لا أريد إلا الإصلاح وإقامة الحق، ولا ألتمس جمع مال ولا ادخاره () وكان يقول: اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائى، وجاهدت فيك عدوك فأثبنى ثواب المجاهدين (). وقال عبد الله بن صفوان بن أمية لابن الزبير: إني - والله - ما قاتلت معك إلا عن ديني ()، والروايات في هذا المجال كثيرة جدًا، وهي تدل على النظرة الحقيقية لمعارضة ابن الزبير - وكذلك أهل المدينة - حيث اعتبروها جهادًا في سبيل الله ()، إن الحسين بن على وابن الزبير وأهل الحرَّة - رضي الله عنهم - كان خروجهم من أجل الشورى لأسباب

مشروعة منها:

1 - دفاعًا عن حقهم الذي جعله الله لهم +وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ".

2 - أن هذا الاغتصاب منكر وظلم تجب إزالته.

3 - تمسكًا بالسنة وهدى الخلفاء الراشدين في باب الخلافة ().

وساعد في تحقيق أهداف ابن الزبير والتفاف الناس من حوله عدة أمور منها: رد الفعل الذي أحدثته معركة كربلاء، سوء سيرة يزيد، سرعة يزيد في عزل ولاة الحجاز مركز الثقل السياسي كما كان زمن الرسول والخلفاء الراشدين ().

ج- الجهود السلمية التي بذلها يزيد لاحتواء ابن الزبير:

كان ابن الزبير يدرك الخطورة التي ستلحق بالحسين إذا خرج إلى الكوفة، ولذا ناشده عدم الذهاب إلى الكوفة قائلاً: أين تذهب؟! إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟! (). وكان ابن الزبير يدرك أن الحسين إذا أصيب في العراق، فإن النتائج ستنعكس عليه وسيكون المنفرد في الساحة، وبالتالي يسهل القضاء عليه، وقد حرص ابن الزبير على إشعار الحسين بمكانته وأن وجوده في مكة يحظى بالتأييد من أهلها وبالأخص من ابن الزبير نفسه، ولذا فقد بادره بفكرة جريئة فقال للحسين: إن شئت أن تقيم أقمت فوليت هذا فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك، وبايعناك ()، ويبدو أن ابن الزبير رغب أن تكون القيادة العامة بيد الحسين نظرًا لمكانته ووجاهته، واحترام المسلمين له. ويكون بيده التخطيط لمجابهة يزيد بن معاوية، وبالأخص أنه يملك رصيدًا كبيرًا من المشاركات الحربية الناجحة في عمليات الجهاد الإسلامي، وكان يرغب في جعل ركيزة الانطلاق في المعارضة هي بلاد الحجاز، وذلك نظرًا لصدق أهلها، ووجود العبّاد والصالحين والعلماء من الصحابة وكبار التابعين بها، ثم وجود الحرمين ومكانتهما، فإذا تمت لهما السيطرة على بلاد الحجاز، فإن قضيتهما ستكسب بعدًا كبيرًا في الأقاليم الإسلامية، فالناس تؤم الحرمين للعمرة والحج والزيارة، وبالتأكيد سينقلون أخبار المعارضَين ومكانتهما، مما سيؤدي إلى تعاطف وتأييد وأنصار من تلك الأقاليم، ولما خرج الحسين ? إلى الكوفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير