تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - تهديد الوفد لابن الزبير ورده عليهم: بعدما أجاب ابن الزبير على الوفد بالمنع قال لابن عضاه: إنما أنا بمنزلة حمام من حمام مكة، أفكنت قاتلاً حمامًا من حمام مكة؟ قال: نعم، وما حرمة حمام مكة؟ يا غلام ائتني بقوسي وأسهمي, فأتاه بقوسه وأسهمه، فأخذ سهمًا فوضعه في كبد القوس ثمّ سدده نحو حمامة من حمام المسجد وقال: يا حمامة، أيشرب يزيد الخمر؟ قولي: نعم. فوالله لئن فعلت لأرمينك. يا حمامة، أتخلعين يزيد بن معاوية وتفارقين أمة محمد × وتقيمين في الحرم حتى يستحل بك؟ والله لئن فعلت لأرمينك.

فقال ابن الزبير: ويحك! أو يتكلم الطائر؟ قال: لا، ولكنك يا ابن الزبير تتكلم، أقسم بالله لتبايعن طائعًا أو مكرهًا أو لتعرفن راية الأشعريين في هذه البطحاء، ولئن أمرنا بقتالك ثم دخلت الكعبة لنهدمنها أو لنحرقنها عليك، أو كما قال. فقال ابن الزبير: أو تحل الحرم البيت؟ قال: إنما يحله من ألحد فيه (). ثم قال ابن الزبير: إنه ليست في عنقي بيعة ليزيد.

فقال ابن عضاة: يا معشر قريش قد سمعتم ما قال، وقد بايعتم، وهو يأمركم بالرجوع عن البيعة ()، وأخذ ابن الزبير يبسط لسانه في تنقص يزيد وقال: لقد بلغني أنه يصبح سكران ويمسى كذلك، ثم قال: يا ابن عضاة، والله ما أصبحت أرهب الناس ولا البأس، وإني لعلى بينة من ربى، فإن أقتل فهو خير لي، وإن أمت حتف أنفى فالله يعلم إرادتي وكراهتي لأن يعمل في أرضه بالمعاصي، وأجاب الباقين بنحو جوابه (). ثم قال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك ()، ولقب نفسه عائذ الله ()، وكان يسمى العائذ ().

د- الجهود الحربية ضد ابن الزبير:

1 - حملة عمرو بن الزبير: رأى يزيد أنه لابد من القيام بعمل عسكري، يكون الهدف منه القبض أو القضاء على ابن الزبير أو حمله على الامتثال لقسم يزيد ووضع الأغلال في عنقه، ولما حج عمرو بن سعيد بن العاص والى المدينة في تلك السنة - والمرجح سنة إحدى وستين - حج ابن الزبير معه، فلم يصل بصلاة عمرو، ولا أفاض بإفاضته ()، وهذا العمل من ابن الزبير يعنى المفارقة الواضحة لسلطة الدولة، وعدم الاعتراف بها، خصوصًا أن إقامة الحج تمثل الدليل الأقوى على شرعية الدولة وقوة سلطانها، مثله مثل إقامته الجهاد في سبيل الله ()، ثم منع ابن الزبير الحارث بن خالد المخزومى من أن يصلي بأهل مكة وكان الحارث بن خالد المخزومي نائبًا لعمرو بن سعيد على أهل مكة ()، وكان ابن الزبير يتصرف وكأنه مستقل عن الدولة، وكان لا يقطع أمرًا دون المسور بن مخرمة ()، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وجبير بن شيبة، وعبد الله بن صفوان بن أمية، وكان يريهم أن الأمر شورى فيما بينهم، وكان يلي بهم الصلوات والجمع، ويحج بهم ()، فكتب يزيد إلى عمرو بن سعيد بن العاص واليه على المدينة أن يوجه له جُندا، فعين عمرو ابنُ سعيد بن العاص على قيادة هذه الحملة عمرو بن الزبير بن العوام أخا عبد الله ابن الزبير، وكان عمرو بن الزبير قد ولى شرطة المدينة لعمرو بن سعيد، وكان شديد العداوة لأخيه عبد الله، وقام بضرب كل من كان يتعاطف مع عبد الله بن الزبير، وكان ممن ضرب المنذر بن الزبير، وابنه محمد بن المنذر وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ()، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ()، وخبيب بن عبد الله بن الزبير ()، وفر منه عبد الرحمن بن عثمان، وعبد الرحمن بن عمرو بن سهيل وغيرهما إلى مكة فالتجأوا إلى ابن الزبير ()، وكان تعيين عمرو بن الزبير على قيادة الجيش المتجه لمحاربة عبد الله بن الزبير جاء بناءً على طلب من عمرو بن الزبير نفسه ()، واتجه جيش عمرو بن الزبير إلى مكة وكان قوامه ألف رجل، وجعل على مقدمته أنيس بن عمرو الأسلمي في سبعمائة من الجند ()، فسار أنيس بن عمرو الأسلمي حتى نزل بذي طوى، وسار عمرو بن الزبير حتى نزل بالأبطح ()، وأرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه (عبد الله) يطلب منه الامتثال ليمين يزيد بن معاوية، وحذره من القتال في البلد الحرام ()، وكان عمرو بن الزبير يخرج من معسكره فيصلى بالناس خلال المفاوضات مع أخيه عبد الله. وكان عبد الله يسير معه ويلين له، ويقول: إني سامع مطيع وأنت عامل يزيد، وأنا أصلى خلفك، وما عندي خلاف، فأما أن تجعل في عنقي جامعة، ثم أقاد إلى الشام، فإني نظرت في ذلك، فرأيت أنه لا يحل لي أن أحله بنفسي، فراجع صاحبك واكتب إليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير