تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان نقش خاتمه: ربنا الله ().

ثانيًا: خلافة معاوية بن يزيد:

معاوية بن يزيد هو ثالث الخلفاء الأمويين، وكنيته أبو يزيد أو عبد الرحمن، أبوه يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، وأمه أم هاشم بنت أبى هاشم بن عتبة بن ربيعة ()، ويسمى معاوية الأصغر (). ولد سنة 44هـ ونشأ في بيت الخلافة، بويع له بالخلافة بعد موت أبيه، في الرابع عشر من ربيع الأول سنة أربع وستين هجرية، وكان - رحمه الله - أبيض شديد البياض، كثير الشعر، كبير العينين، جعد الشعر، أقنى الأنف، مدور الرأس، جميل الوجه، كثير شعر الوجه، دقيقه، حسن الجسم، وكان رجلاً صالحًا ناسكًا ().

1 - مدة حكمه: يختلف المؤرخون كثيرًا في المدة التي حكمها معاوية بن يزيد، ويتراوح الخلاف بين عشرين يومًا () وثلاثة أشهر، ويبدو أن مدة الثلاثة الأشهر هي الأرجح، ويرجح بعض المؤرخين مدة الأربعين يومًا, وكان مريضًا مدة ولايته، ولهذا لم يؤثر له عمل ما مدة خلافته، حتى الصلاة، فإن الضحاك بن قيس هو الذي كان يصلى بالناس، ويسيّر الأمور، وظل الضحاك يصلى بالناس حتى بعد وفاة معاوية، حتى استقر الأمر لمروان بالشام ().

2 - تنازله عن الخلافة وتركه الأمر شورى: ولما أحس معاوية بن يزيد بالموت نادى في الناس: الصلاة جامعة، وخطب فيهم، وكان مما قال: أيها الناس، إني قد وليت أمركم وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوى، كما تركها الصديق لعمر، وإن شئتم تركتها شورى في ستة كما تركها عمر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركت أمركم، فولوا عليكم من يصلح لكم.

ثم نزل ودخل منزله، فلم يخرج حتى مات رحمه الله تعالى (). لقد أراد معاوية بن يزيد أن يقول لهم إنه لم يجد مثل عمر، ولا مثل أهل الشورى، فترك لهم أمرهم يولون من يشاءون، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية أخرى للخطبة عن ابن الأثير قال فيها: أما بعد، فإني ضعفت عن أمركم فابتغيت مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم، فأنتم أولى بأمركم، فاختاروا لها من أحببتم .. ثم دخل منزله وتغيب حتى مات ().

واعتبر هذا الموقف منه دليلاً على عدم رضاه عن تحويل الخلافة من الشورى إلى الوراثة ()، فقد رفض أن يعهد لأحد من أهل بيته حينما قالوا له: اعهد إلى أحد من أهل بيتك، فقال: والله ما ذقت حلاوة خلافتكم، فكيف أتقلد وزرها، وتتعجلون أنتم حلاوتها، وأتعجل مرارتها، اللهم إني برئ منها، متُخل عنها ()، وجاء في رواية: قيل له: ألا توصى؟ فقال: لا أتزوّد مرارتها وأترك حلاوتها لبنى أمية (). وتعتبر حادثة تنازل معاوية بن يزيد عن الخلافة حادثة نادرة في التاريخ الإنساني؛ لقد عرفت استقالات، فيها إكراه مادي أو معنوي. أما أن ملكًا استقال، لأن في أمته من هو خير منه، فهذا ما لم نقع عليه، وأية محاسبة للنفس أرفع من هذه؟! ().

وإذا كان معاوية بن أبى سفيان - أول الخلفاء الأمويين - قد حول الخلافة من الشورى إلى الملك، فإن حفيده معاوية الثاني، ثالث خلفاء الأمويين أيضًا، قد أعاد الخلافة من الملك العضوض إلى الشورى الكاملة، وإنه لمما يستوجب الإنصاف أن تصاغ القضية على هذا النحو بدلاً من التركيز على الشق الأول الخاص بتوريث الخلافة فقط ().

3 - كم كان عمره لما مات؟ ومن صلى عليه؟: مات معاوية بن يزيد عن إحدى وعشرين سنة وقيل: ثلاث وعشرين سنة وثمانية عشر يومًا. وقيل: تسع عشرة سنة. وقيل: عشرين سنة. وقيل: ثلاث وعشرين سنة. وقيل: إنما عاش ثماني عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة. فالله أعلم. وصلى عليه أخوه خالد، وقيل: عثمان بن عنبسة. وقيل: الوليد بن عُتبة. وهذا هو الصحيح، فإنه أوصى إليه بذلك وشهد دفنه مروان بن الحكم ()، فلما فُرغ منه قال مروان: أتدرون من دفنتم؟ قالوا: نعم، معاوية بن يزيد. فقال مروان: هو أبو ليلى الذي قال فيه أزْنَمُ الفزاري:

إني أرى فتنة تغلى مراجلها والملك بعد أبى ليلى لمن غلبا ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير