تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأصوات المشتركين في البيعة ().

2 - معركة مرج راهط:

تمخض مؤتمر الجابية عن انتقال الخلافة الأموية من البيت السفياني إلى البيت المرواني, وانعقدت البيعة لمروان, وحل مؤتمر الجابية مشكلة الخلافة بين بني أمية, وكانت هذه خطوة حاسمة, ولكن لم يكن تثبيت هذا الأمر سهلاً؛ فما زالت تعترضه صعوبات كبيرة, فالضحاك بن قيس, زعيم القيسيين المناصر لابن الزبير قد ذهب إلى مرج راهط وانضم إليه النعمان بن بشير الأنصاري والي حمص, وزفر بن الحارث الكلابي, أمير قنسرين, وكان واضحًا أنهم يستعدون لمواجهة الأمويين, فكان على مروان أن يثبت أنه أهل للمسئولية وحمل أعباء الخلافة, والدفاع عنها, وقد حقق أنصار مروان أول نجاح لهم بالاستيلاء على دمشق وطرد عامل الضحاك منها, وكان أول فتح على بني أمية -على حد تعبير ابن الأثير- () ولم يضيع مروان وقتًا, فقد عبأ أنصاره من قبائل اليمن في الشام كلب وغسان والسكاسك والسكون, وجعل على ميمنته عمرو بن سعيد, وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد, واتجه إلى مرج راهط, فدارت المعركة الشهيرة التي حسمت الموقف في الشام لبني أمية ومروان, حيث هزم القيسيون, أنصار ابن الزبير, وقتل الضحاك بن قيس, وعدد كبير من أشراف قيس في الشام, واستمرت المعركة حوالي عشرين يومًا, وكانت في نهاية سنة 64هـ, وقيل: في المحرم سنة 65هـ ().

أ- نتائج مرج راهط:

- أعادت هذه المعركة الملك لبني أمية بعد أن كان مهددًا بالزوال, وحولت السلطة من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني.

- تخلص الأمويون من الضحاك بن قيس الذي كان يعد معارضًا قويًا للأمويين, وتابعًا مخلصًا لابن الزبير.

- سقطت قنسرين في يد الأمويين وهرب واليها زفر بن الحارث فتوجه إلى قرقيسيا, وكان عليها عياض الحرثي -حسب قول ابن الأثير-.

- سقطت فلسطين وهرب ناتل بن قيس الجذامي إلى ابن الزبير.

- سقطت حمص وقتل واليها النعمان بن بشير ().

- اندلع الصراع بين اليمنية والقيسية ودخلت العصبية القبلية مسرح السياسة العليا للدولة, وإذا كان يوم مرج راهط قد انتصر فيه الكلبيون فقد كان نصرًا مؤقتًا, وكان الصراع بين العصبتين القيسية واليمنية من أسباب انهيار الدولة الأموية ().

ب- أسباب هزيمة القيسيين:

لم يرم ابن الزبير بثقله في تلك المعركة, وكان عليه أن يجيِّش الجيوش ويمد أتباعه بالرجال والأموال والسلاح ليقضي على المعارضين بالشام عندما كانت المعارضة لم توحد صفوفها بعد.

- اعتماد مروان على رجال دهاة خبراء في الحرب من أمثال حصين بن نمير وعمرو بن سعيد.

- عدم اشتراك أتباع ابن الزبير في الشام كلهم, فقد شارك ولاة الشام التابعون لابن الزبير بأعداد من الجنود فقط.

- ترك الضحاك مدينة دمشق دون قوة تستطيع المحافظة عليها رغم أهميتها, وهذا سهل للأمويين الاستيلاء عليها وعلى ما فيها من أموال مكنتهم من الاستفادة من هذا الخطأ ().

ج- بكاء مروان بن الحكم في مرج راهط:

وروي أن مروان بن الحكم لما جيء برأس الضحاك إليه ساءه ذلك وقال: الآن حين كبرت سني ودق عظمي, وصرت في مثل ظمء الحمار () , أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض (). وروي أنه بكى على نفسه يوم مرج راهط () وقال: أبعد ما كبرت وضعفت صرت إلى أن أقتل بالسيوف على الملك () وفي رواية عن مالك قال: قال مروان: قرأت كتاب الله منذ أربعين سنة, ثم أصبحت فيما أنا فيه من إهراق الدماء, وهذا الشأن (). إن ندم مروان في مثل هذا الموقف وبعد أن تحقق له النصر, وتأكدت له طرق الحكم, وتمهدت له سبل الوصول إلى غايته, لدليل قاطع على ما كان يجيش به قلب مروان من عامل الخير, لقد كان هذا النصر جديرًا أن ينسيه كل منغصات الحياة, وكان فوزه بالخلافة حقيقًا بأن ينفي عنه كل ما يسبب له الندم, ويعكر له الصفو, فما بال مروان يندم وهو

في هذه الظروف التي تزيل الهم عن النفس وتبعد الندم () لطالبي الملك

والزعامة والسلطان؟ ‍‍!

وأغلب الظن أنه تورط في طلبه للخلافة, ودفعه إلى هذا المستنقع

الآسن أناس لهم مصالح دنيوية لا تخفى, فشعر بوخز الضمير, وخاف

على نفسه من سوء الخاتمة بعد أن ولغت يداه في دماء المسلمين من أجل

الحطام الزائل.

ثالثًا: ضم مصر إلى الدولة الأموية ومحاولة إعادة العراق والحجاز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير