تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المدعي ومن المدعى عليه، وعليه فإذا قال العلماء: القول قول فلان، فمعناه أنه مدعى عليه، ومعنى ذلك أننا نطالب من خالفه بالبينة.

دليل القائلين بأن القول قول المشتري بناءً على هذا ننظر: فإذا قال المشتري: إن العيب كان موجوداً في الصفقة قبل البيع، أو أثناء عقد البيع، فبعض العلماء يقول: القول قوله، فإذا قلنا: القول قول المشتري فمعناه أن المشتري مدعىً عليه، ومعناه أن البائع مدعٍ. والسبب في هذا: أن الأصل أن هذا المبيع حينما دفع المشتري فيه القيمة كاملة ينبغي أن نعلم أن المبيع كامل، فإذا ثبت أنه ناقص ورأينا نقصانه، فالمال الذي دفعه لا يستحقه البائع، فمثلاً: اشترى عمارة بخمسمائة ألف، وظهر بها عيب يسقطها إلى أربعمائة ألف، فإذاً لا نستطيع أن نقول بحل الخمسمائة ألف للبائع، إلا إذا تبين أن الصفقة كاملة، فإذا قال المشتري: بها عيب، وقال البائع: لم يكن بها عيب، فالثابت أمامنا أنها معيبة، وأن المال المدفوع الذي هو خمسمائة ألف ليس مدفوعاً في شيء يستحقه على هذا الوجه، فنطالب البائع بدليلٍ وبينةٍ على أن العمارة أثناء البيع لم يكن بها هذا العيب الذي يدعى عليه. فهذا وجه من يقول: إن القول قول المشتري. لأن الأصل عدم الخمسمائة ألف أو المال المدفوع حتى يكون المبيع سالماً من العيب، فلما شككنا فرأينا المبيع أمامنا معيباً، فإن الأصل ألا يعطيه إلا شيئاً كاملاً كما أنه أخذ الثمن كاملاً، فينبغي أن نتحقق أن المبيع كاملاً فنطالب البائع بما يثبت أن المبيع كان كاملاً أثناء البيع، فهذا وجه من قال: إن القول قول المشتري.

دليل القائلين بأن القول قول البائع وهناك من يرى أن القول قول البائع؛ لأنه لما بيع المبيع وأخذ المشتري الصفقة فإن المشتري يقول: قد كان، والبائع يقول: لم يكن، وقد قلنا: إن من ضوابط المدعي والمدعى عليه. وقيل من يقول قد كان ادعى ولم يكن لمن عليه يدعى فيقولون: المشتري يقول: قد كان، والبائع يقول: لم يكن، فالبائع ينفي والمشتري يثبت، وحينئذٍ يطالب المشتري بالدليل على قدم العيب؛ لأن الأصل عدم وجود العيب، بدليل أن الصفقة تمت بينهما، ولا تتم في الغالب إلا وهي كاملة، فقالوا: الظاهر أن المبيع لم يكن به عيب. وأياً ما كان فقول من قال: القول قول المشتري أقوى، لما ذكرنا؛ لأن أموال الناس لا تستباح إلا بوجه معتبر، والصفقة على هذا الوجه لم يثبت أنها كاملة، فيطالب البائع بدليل يدل على أن المبيع لم يكن معيباً أثناء العقد. فقوله: (وإن اختلفا عند من حدث العيب فقول مشترٍ مع يمينه) هذه اليمين يسمونها (يمين التهم)، وتكون في المواطن التي تحصل فيها الريب كالشهادة على الوصية في السفر وفيها الأيمان، وهي أصل عند العلماء رحمهم الله في أيمان التهم، وبها يقول فقهاء المالكية، وكذلك الحنابلة والشافعية في مواضع يحكمون بها، وأيضاً فقهاء الحنفية رحمهم الله في بعض الصور ويسمونها يمين التهمة، فيقولون: يعتضد قول المشتري بيمينه، يقال للمشتري: احلف أن هذا العيب كان موجوداً أثناء العقد.

يقبل قول من لا يحتمل إلا قوله قال رحمه الله: [وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما قبل بلا يمين] وذلك كما ذكرنا في الأصبع الزائد، والعيوب التي يشهد أهل الخبرة أنها لا يمكن أن تحدث وتطرأ في زمن قريب، ويوجد الآن في بعض الآلات أن يدعي صاحب المؤسسة أو صاحب الشركة التي باع الآلة أن هذا العيب ما كان موجوداً، فيأتي خبير ويقول: بل هذا النوع من العيوب لا يمكن أن يحدث إلا من سنة، إذا أثبت أهل الخبرة أن هذا العيب لا يمكن أن يحدث إلا من سنة أو أنه موجود مثل الأصبع الزائد أو عيوب الخلقة، فحينئذٍ يطالب بالرد وليس على المشتري يمين، لدلالة الظاهر على صدقه.

خيار التخبير بالثمن قال رحمه الله: [السادس: خيار في البيع بتخبير الثمن]: مذهب الحنابلة رحمهم الله من أوسع المذاهب في باب الخيار، ولم يتكلم الفقهاء رحمهم الله في مسائل الخيار بالتفصيل والاستيعاب كفقهاء الحنابلة رحمهم الله، فقد توسعوا في الخيار وذكروا صوره، خاصة وأنهم يقولون بأنواع لا يقول بها غيرهم كفقهاء الحنفية والمالكية رحمة الله على الجميع، وهنا نوع من الخيارات وهو خيار التخبير بالثمن. وهو أن يأتي الإنسان إلى البائع يريد أن يشتري سلعة، فحينئذ لا يخلو البائع من حالتين: الحالة الأولى: أن يقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير