تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كله رجوع إلى اليمين، كذلك القسامة حينما يوجد اللوث والعداوة بين المقتول وبين جماعة، ثم يدعي أولياء المقتول أنه قتله فلان من أعدائه فيحددون الشخص الذي يتهمونه بالقتل، ثم يحلفون خمسين يميناً، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضية خيبر، حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحلف خمسين يميناً لإثبات دعوى قتل يهود للصحابي رضي الله عنه وأرضاه، فقال صلى الله عليه وسلم: (تحلفون خمسين يميناً، فتستحقون دم صاحبكم) فإذا كانت حجة في الدماء وحجة في الإنكارات وحجة في الحقوق المالية فإنها كذلك حجة هنا، فيحلف البائع أولاً أنه ما باع بكذا، أي: الذي ادعاه المشتري، وإنما باع بكذا، وهو الذي يدعي أنه أمضى البيع أو أوجب البيع عليه. فمثلاً: إذا اختلفا في عمارة قال البائع: بعتها بعشرين، وقال المشتري: بل اشتريتها بعشرة، فيحلف البائع أنه والله ما باعها بعشرة -إذا قال المشتري: إنها عشرة- وإنما باعها بعشرين، هذا بالنسبة ليمين البائع. قوله رحمه الله: [ثم يحلف المشتري: ما اشتريته بكذا، وإنما اشتريته بكذا]: أي: فإذا انتهى البائع من الحلف، طولب المشتري بالحلف، فلا يخلو المشتري من حالتين: إما أن يتورع فيقول: ما دام أنه حلف اليمين فأنا أقبل اليمين، فحينئذٍ يلزمه ما حلف عليه البائع. ويسمى هذا (نكولاً)، أي: إذا نكل وامتنع من الحلف، أو رضي اليمين من البائع، ثم أمضى البيع وحينئذٍ يلزمه الثمن الذي حدده البائع. مثال ذلك: قال البائع: والله ما بعتها بعشرة، وإنما بعتها بعشرين، قيل للمشتري: احلف أنك اشتريت بعشرة، ولم تشتر بعشرين، فقال: لا أحلف. فهذا نكول، فيقضي عليه القاضي بالنكول. أو يقول: ما دام أن فلاناً قد حلف فقد رضيت يمينه، وهذه اليمين أنا أقبلها وأصدق بها، فحينئذ تلزمه العشرون. وجملة: [ثم يحلف المشتري] دلت على أن حلف البائع يسبق حلف المشتري، فيبدأ أولاً البائع ثم يتبعه المشتري. واليمين في البائع والمشتري تتضمن جملتين، جملة للنفي، وجملة للإثبات، فالبائع يثبت ما يدعي وينفي ما يدعيه المشتري، والمشتري بعكسه، فإذا كان الخلاف بين العشرة والعشرين، فالبائع يحلف أنه ما باع بعشرة أولاً، وإنما باع بعشرين، والمشتري يحلف أنه ما اشترى بعشرين، وإنما اشترى بعشرة، فإذاً: كلا اليمينين قائمة على نفي وإثبات، وإنما يجعل الإثبات بعد النفي؛ لأنه ينفي أولاً، حتى يثبت بعد ذلك ما يدعي، فيكون نفيه لما يدعيه خصمه موجباً لإثباته لما يدعيه بعد ذلك. قال رحمه الله: [ولكلٍ الفسخ إذا لم يرض أحدهما بقول الآخر]: أي: لكل من البائع والمشتري حق فسخ البيع، إذا لم يرض بقول الآخر، فإذا حلف الاثنان ثم لما تحالفا لم يرض البائع بقول المشتري ولا المشتري بقول البائع، حينئذ يفسخان البيع. ...... اختلاف المتبايعين بعد تلف السلعة قال رحمه الله: [فإن كانت السلعة تالفة رجعا إلى قيمة مثلها]: قوله: [فإن كانت السلعة تالفة] الفاء هنا للتفريع، إذا قلنا: إنهما يتحالفان فلا يخلو الحال أيضاً من صورتين: إما أن تكون السلعة موجودة. مثال ذلك: لو أن رجلاً باع عمارة ثم اختلف مع المشتري في القيمة، والعمارة موجودة، فيحلف البائع ويحلف المشتري ونرد العمارة للبائع، والثمن المدفوع للمشتري. لكن لو أن الخلاف وقع بعد التلف، وهذا كثيراً ما يقع في بيع الأطعمة، كأن يبيعه طعاماً ويكون الثمن إلى أجل، كأن يقول مثلاً: تدفع في نهاية الشهر أو بعد أسبوع أو أسبوعين، قال: رضيت، فذهب المشتري فأكل الطعام، أو تصرف فيه فتلف أو نفذ، ثم جاء يدفع العشرة التي في ظنه أن الاتفاق كان قائماً عليها، فلما أراد أن يدفع العشرة قال: ما بعتك بعشرة، وإنما بعتك بعشرين، فيختلفان، والسلعة مفقودة، وهو الذي عبر عنها المصنف بقوله: (تالفة) أي: إما استهلكت بالأكل، وإما تلفت حقيقة، وإما أنها لم تعد موجودة بأي وسيلة كانت. فحينئذٍ يرد الإشكال: إذا حصل التحالف بين البائع والمشتري، والطعام قد أكل، كأن يكون علفاً للدواب أو طعاماً للناس، فهو لا يستطيع أن يرد الطعام ولا يستطيع أن يعيد العلف إلى حالته فيرده؛ والبيع قد فسخ، وإذا فسخ البيع وجب رد المبيع، والطعام لا يمكن رده في هذه الحالة، فحينئذٍ إن كانت السلعة تالفة، وجب ضمان قيمة السلعة، كما قال: [رجعا إلى قيمة مثلها] أي: لأن الضمان في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير