فأول حديث في علل الدارقطني: سئل الشيخ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ عن حديث عمر بن الخطاب عن أبي بكر في تزويج النبي ? حفصة وقول أبي بكر لعمر: ((لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضتَ عليّ، إلا أني علمتُ أن رسول الله ? ذكرها، فلم أكن لأفشِيَ سرَّ رسول الله ? ولو تركها لقَبِلْتها)).
قال: يرويه الزهري عن سالم عن أبيه عن عُمر "تأيّمتْ حَفْصة من خُنَيْس () بن حذافة السَّهْمي. وهو حديث صحيح من حديث الزهري رواه عنه جماعة من الثقات الحفاظ فاتفقوا على إسناده منهم:
شعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان، ويونس وعُقيل ومحمد بن أخي الزهري، وسفيان ين حُسَين، والوليد بن محمد الموقري وعبدالله بن أبي زياد الرصافي، وغيرهم عن الزهري فاتفقوا على لفظ واحد في قول أبي بكر لعمر: ((لم يمنعني أن أرجع إليك شيئاً إلا أني قد كنت علمت أن رسول الله ? ذكر حفصة)).
ورواه معمر بن راشد عن الزهري بهذا الإسناد فجوّده وأسنده، وقال فيه: ((لم يمنعني أن أرجع إليك شيئاً إلا أني كنتُ سمعتُ رسول الله ? يذكرها، ولم أكن أفشي سرَّ رسول الله ?)).
وهو حديث صحيح عن الزهري أخرجه البخاري في الصحيح من حديث معمر ومن حديث صالح بن كيسان وشعيب عن الزهري.
إلا أن معمراً قال: فيما حكى عنه هشام بن يوسف – قال فيه: حُبيش ابن حذافة، صحّف فيه.
وأما عبدالرزاق فقال عن معمر: خُنيس بن حذافة أو حذيفة. والصحيح أنه خُنَيس بن حذافة بن قيس السهمي أخو عبدالله بن حذافة ().
ثم ذكر الدارقطني بعده الاختلافات الأخرى في الرواية، فالذي يظهر أن الدارقطني رحمه الله ساق هذا القول لبيان أمرين: الأول: الاختلاف في قوله: ((لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ))، وهو لفظ الجماعة.
الثاني: في اسم زوج حفصة، فقال الجماعة أن اسمه خنيس بن حذافة، وقال معمر وحده حُبيش بن حذافة، وبه قضى للجماعة، وأثبت به تشذيذه لمعمر في هذين اللفظين، والله أعلم.
مثال آخر:
سئل الدارقطني عن حديث عمر عن أبي بكر عن النبي ?: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) الحديث.
فقال: هو حديث يرويه الزهري، واختلف عنه:
فمِمّن رواه على الصواب: شعيب بن أبي حمزة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن الوليد الزبيدي وعُقَيْل، وعبدالرحمن بن خالد بن مسافر، والنعمان بن راشد، وسفيان بن حسين، وسليمان بن كثير، ومحمد ابن إسحاق، وجعفر بن بُرقان، وعبدالرحمن بن يزيد بن تميم.
فرووه عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي هريرة قال: قال عمر لأبي بكر.
واختلف عن سفيان بن حُسين.
فأسنده عنه محمد بن يزيد الواسطي عن الزهري عن عبيد الله، عن أبي هريرة، وأرسله يزيد بن هارون، فأسقط منه أبا هريرة.
ورواه معمر بن راشد واختلف عنه، فأسنده رباح بن زيد عن معمر عن الزهري عن عُبَيْد الله عن أبي هريرة بمتابعة من تقدم حديثه.
وأرسله عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري عن عُبَيْد الله، لم يذكر أبا هريرة.
ورواه عمران القطان عن مَعْمر، وقال: عن الزهري عن أنس بن مالك عن أبي بكر، ووهم فيه على معمر.
ورواه يحيى بن أبي أُنَيْسة عن الزُهْري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي ?، ووهم أيضاً في ذكر سعيد.
ورواه صالح بن أبي الأخضر فقال: عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة.
ورواه الوليد بن مسلم عن شُعَيْب ومرزوق بن أبي الهذيل وسفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
ووهم فيه على شعيب وعلى ابن عُيينة، لأن شعيباً يرويه عن الزهري عن عُبيد الله عن أبي هريرة.
وابن عيينة يرويه عن الزهري مرسلاً لا يذكر فوقه أحداً.
والقول الأول هو الصواب ().
فهنا جمع الدارقطني رحمه الله أحد عشر طريقاً لهذا الحديث عن الزهري وقضى لهم بالصواب ووهم الآخرين _ ومنهم بعض الثقات المعروفين؛ مثل معمر بن راشد وسفيان بن عيينة _ لأنهم شذوا في رواياتهم عن الزهري، وخالفوا جماعة كثيرين.
وإن قال أحد إن الزهري كثير الشيوخ وكثير الرواية، فمن الممكن أن (تُسَلّم) بعض الروايات الأخرى التي يصح إسنادها إلى الزهري، ويقال: إن هذه الطرق أيضاً صحيحة، والله أعلم.
ومن أمثلة علة الشذوذ:
سئل الدارقطني عن حديث حمران عن عثمان عن النبي ?، قال: ((من علم أن لا إله إلا الله دخل الجنة)).
فقال يرويه شعبة، واختلف عنه.
¥