تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجنان وارفة الظلال و واحات تمتد إلى المئات من الكيلومترات طولا وعرضا في مناطق متعددة وإذا تكلم شخص ما عن تقليص الواحات في الصين و روسيا فهي في تركستان الكبرى ولها خصائص فطرية وحضارية لم يحض بلد بمثلها قط من قبل طريق الحرير وكهوف ألف منزل ومنزل وسراديب أرضية تجري فيها الأنهار من آبار ارتوازية تسقى بلدانا ومناطق زراعية شاسعة في منطقة تورفان، بجانب آثار ثقافية قديمة من بقايا مدن بأكملها مثل حاضرة إديقوت بالقرب من منطقة لوب نور .. ولم ترو بلد من البلدان بمياه وأنهار تفوق الخيال مثل تركستان حيث أن منطقة تركستان الكبرى بجبالها الراسيات مستودعات الثلوج مخازن الماء العذب لقارة آسياالشرق كله.

ونحن إذ نقول ترك أو تورك بالراء بعد التاء نعنى بذلك الأقوام المميزة عرقا وسلالة من سائر الشعوب الناطقة في قارة آسيا وكلمة ترك أو تورك هي الأصح اسم لهم يشمل لأقوام الهون قديما ومغول وأويغور وتتار وتاجيك وقازاق وقيرغز وأزبك وغيرهم شعوبا وقبائل تنتمي عرقا وسلالة ولغة لعائلة آلتاي تنتسب إلى سام بن نوح عليه الصلاة والسلام وكلمة ترك لغة تقابل (العماد) في اللغة العربية، ولعل أول من أقسم بالترك أحد أبناء ملوك الهون قبل التاريخ وأن منطقة آلتاي منطقة جبلية تمتد من سهول ومرتفعات سيبيريا غربا إلى سواحل الهر الأصفر شرقا وهي مهد الأتراك منذ الأزل حيث لم تذكر كتب التاريخ قديما وحديثا عن وجود أقوام في المنطقة قبل الأتراك إطلاقا (1) وإذا راجعنا لمراجع موثوقة للقرن الحادي عشر الميلادي نرى العلامة محمود الكاشغري اللغوي يقول في كتابه القيم المسمى بـ (ديوان لغات الترك) (2) إن تركستان الكبرى يحدها غربا البحر الأسود وشرقا النهر الأصفر وشمالا سهول ومرتفعات سيبيريا وجنوبا شبه جزيرة الهند ويشمل خراسان وبلاد الأفغان ووادي كشمير وجبال بامير وسهل بدخشان وهي من منابع عامودريا (السيحون) قديما وتسمى روافدها العليا بـ زرفشان في جمهورية تاجكستان الآن وتضم قسما منها جمهورية أفغانستان الإسلامية.

وذهب العلامة محمد أمين بوغرا إلى أبعد من ذلك مستقاة أقواله من مصادر وصفها بالثقة والاعتماد (3) ونحن في هذه العجالة نكتفي بما قلناه آنفا من حيث اتساع منطقة تركستان الكبرى. بل نرجع القهقرى إلى الحدود الدولية المعروفة الآن ولو أن هناك ما يثير الانتباه من حيث توسع العمدي من قبل بعض جاراتنا سابقا، على غرار زيد أخو عمرو لو ضرب أو ضرب وتركستان الكبرى منا والينا جميعا.

وكان أتراك الهون والمغول والأويغوريون والأخيرة بكل فصائلها وقبائلها يعيشون عيشة بدائية مثلهم مثل أهل البوادي في الجزيرة العربية منذ أمد بعيد ولكنهم عاشوا حسب تطور البيئة في أنماط الحياة البشرية قسمها علم التاريخ إلى قسمين أساسيين الأول عهود ما قبل التاريخ والثانية عهود ما بعد التاريخ وأما الأولى قسمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي العهد الحجري البدائي والعهد الحجري المنحوت ثم العهد المعدني أو كما اصطلح به علماء التاريخ وأنتم أعلم الناس بذلك. وقد عثر علماء الآثار على مكامنة أثرية في أكثر من منطقة في أراضي تركستان الكبرى شرقا وغربا.

وعلى حسب تقديرهم أعمار تلكم الآثار قالوا إن عمر بعضها يرجع إلى 9000 سنة قبل التاريخ (المصدر السابق للسيد محمد أمين بوغرا).

ويقول الفقيه العلامة المجاهد السيد محمد أمين بوغرا في وصف مختلف المناطق الأهلة بالسكان في عموم تركستان الكبرى وخاصة في حوض تاريم وجونجار في منطقة تركستان الشرقية إن هذه المنخفضات تاريم وجونجار كانت بحارا كسائر الأحواض الموجودة حتى الآن في أطراف و وسط منطقة آسيا الوسطى وكانت سواحلها مدنا ذات حضارة وذلك قيل عشرة آلاف سنة تقريبا وعلى تخمين علماء الجيولوجيا الأجانب، ولم تكن الكهوف والمنازل المحفورة أو المنحوتة إلا قصورا وأماكن اصطياف للملوك والسلاطين (4) وأكثر الآثار المستخرجة حتى الآن نتيجة حفريات الجيولوجيين في المنطقة المصنوعات الخزفية من أوان وأدوات الزينة والخواتم وخلاخل كانت تستعملها النساء وازيار ومواعين الزيت والحبوب يرجع تاريخها إلى أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد (5).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير