تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ: ارفعْ هَذِهِ الإِنْجَانَةَ وَضَعْهَا -يَعْنِي: البَدْرَةَ- تَحْتَهَا.

فَفَعَلتُ، وَخَرجْنَا.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، إِذَا أُمُّ وَلَدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ تَدقُّ عَلَيْنَا الحَائِطَ، فَقَالَتْ: مَوْلاَيَ يَدعُو عَمَّه.

فَأَعْلَمتُ أَبِي، وَخَرَجْنَا، فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: يَا عَمِّ! مَا أَخَذَنِي النَّومُ.

قَالَ: وَلِمَ؟

قَالَ: لِهَذَا المَالِ.

وَجَعَلَ يَتَوَجَّعُ لأَخذِهِ، وَأَبِي يُسَكِّنُهُ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: حَتَّى تُصبِحَ وَتَرَى فِيْهِ رَأْيَكَ، فَإِنَّ هَذَا لَيْلٌ، وَالنَّاسُ فِي المَنَازِلِ.

فَأَمسَكَ وَخَرَجنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ، وَجَّهَ إِلَى عُبْدُوْسِ بنِ مَالِكٍ، وَإِلَى الحَسَنِ بنِ البَزَّارِ، فَحضرَا، وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: هَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَابْنُ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَبِي، وَأَنَا، وَصَالِحٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَجَعَلْنَا نَكتُبُ مَنْ يَذْكُرُونَه مِنْ أَهْلِ السِّترِ وَالصَّلاَحِ بِبَغْدَادَ وَالكُوْفَةِ، فَوجَّهَ مِنْهَا إِلَى أَبِي كُرَيْبٍ، وَلِلأَشَجِّ، وَإِلَى مَنْ يَعْلَمُوْنَ حَاجتَه، فَفَرَّقهَا كُلَّهَا مَا بَيْنَ الخَمْسِيْنَ إِلَى المائَةِ، وَإِلَى المائَتَيْنِ، فَمَا بَقِيَ فِي الكِيْسِ دِرْهَمٌ.

فلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، مَاتَ الأَمِيْرُ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَابْنُه مُحَمَّدٌ، ثُمَّ وَلِيَ بَغْدَادَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ، فَجَاءَ رَسُوْلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ المُتَوَكِّلِ، وَقَالَ لَهُ: يَأمرُكَ بِالخُرُوجِ -يَعْنِي: إِلَى سَامَرَّاءَ-. (11/ 269)

فَقَالَ: أَنَا شَيْخٌ ضَعِيْفٌ عَليلٌ.

فَكَتَبَ عَبْدُ اللهِ بِمَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَوَردَ جَوَابُ الكِتَابِ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَأْمرُهُ بِالخُرُوجِ.

فَوجَّهَ عَبْدُ اللهِ أَجنَاداً، فَبَاتُوا عَلَى بَابِنَا أَيَّاماً، حَتَّى تَهَيَّأَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لِلْخُرُوْجِ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللهِ وَأَبِي زُمَيلَةً.

وَقَالَ صَالِحٌ: كَانَ حَمْلُ أَبِي إِلَى المُتَوَكِّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ وَإِلَى أَنْ مَاتَ أَبِي قَلَّ يَوْمٌ يَمضِي إِلاَّ وَرَسُوْلُ المُتَوَكِّلِ يَأْتِيهِ.

وَقَالَ صَالِحٌ: وَجَّهَ إِسْحَاقُ إِلَى أَبِي: الزمْ بَيتَكَ، وَلاَ تَخرجْ إِلَى جَمَاعَةٍ وَلاَ جُمُعَةٍ، وَإِلاَّ نَزَلَ بِكَ مَا نَزلَ بِكَ أَيَّامَ أَبِي إِسْحَاقَ.

وَقَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: أُرِيْدُ أَنْ أُفتِّشَ مَنْزِلَكَ وَمَنْزِلَ ابنِكَ.

فَقَامَ مُظَفَّرٌ وَابْنُ الكَلْبِيِّ، وَامْرَأَتَانِ مَعَهُمَا، فَفَتَّشوا، وَدَلَّوْا شَمعَةً فِي البِئرِ، وَنَظرُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَرَدَ كِتَابُ عَلِيِّ بنِ الجَهْمِ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُ بَرَاءتُكَ ... ، وَذَكَرَ نَحْواً مِنْ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ.

قَالَ حَنْبَلٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ:

دَخلْنَا إِلَى العَسْكَرِ، فَإِذَا نَحْنُ بِمَوْكِبٍ عَظِيْمٍ مُقبلٍ، فَلَمَّا حَاذَى بِنَا، قَالُوا: هَذَا وَصِيْفٌ.

وَإِذَا بفَارِسٍ قَدْ أَقبلَ، فَقَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: الأَمِيْرُ وَصِيْفٌ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ لَكَ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَمكنَكَ مِنْ عَدُوِّكَ -يَعْنِي: ابْنَ أَبِي دُوَادَ- وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَقبَلُ مِنْكَ، فَلاَ تَدَعْ شَيْئاً إِلاَّ تَكَلَّمتَ بِهِ.

فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ شَيْئاً، وَجَعَلتُ أَنَا أَدعُو لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَدَعَوتُ لِوَصِيْفٍ، وَمَضَينَا، فَأُنزِلنَا فِي دَارِ إِيتَاخَ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَ بَعْدُ: لِمَنْ هَذِهِ الدَّارُ؟

قَالُوا: هَذِهِ دَارُ إِيتَاخَ.

قَالَ: حَوِّلُونِي، اكْتَرُوا لِي دَاراً.

قَالُوا: هَذِهِ دَارٌ أَنزَلَكَهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.

قَالَ: لاَ أَبِيتُ هَا هُنَا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير