وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: جَرِّدُوا القُرْآنَ، لاَ تَكْتُبُوا فِيْهِ شَيْئاً إِلاَّ كَلاَمَ اللهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، فَضَعُوهُ مَوَاضِعَه.
وَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، إِنِّي إِذَا قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ وَتَدبَّرتُه، كِدتُ أَنْ آيَسَ، وَينقطعَ رَجَائِي.
فَقَالَ: إِنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ، وَأَعمَالُ ابْنِ آدَمَ إِلَى الضَّعفِ وَالتَّقْصِيرِ، فَاعمَلْ، وَأَبْشِرْ.
وَقَالَ فَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيُّ: كُنْتُ جَاراً لِخَبَّابٍ، فَخَرَجتُ يَوْماً مَعَهُ إِلَى المَسْجَدِ، وَهُوَ أَخذَ بِيَدِي، فَقَالَ: يَا هَنَاهُ، تَقَرَّبْ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتطعتَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَتَقرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلاَمِه.
وَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَكَمِ: مَا حَمَلَ أَهْلَ الأَهوَاءِ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: الخُصومَاتُ.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ: إِيَّاكُم وَهَذِهِ الخُصُومَاتِ، فَإِنَّهَا تُحبطُ الأَعْمَالَ. (11/ 285)
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لاَ تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهوَاءِ -أَوْ قَالَ: أَصْحَابَ الخُصُومَاتِ- فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَغمِسُوكم فِي ضَلاَلتِهِم، وَيُلْبِسُوا عَلَيْكُم بَعْضَ مَا تَعْرِفُوْنَ.
وَدَخَلَ رَجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِ الأهوَاءِ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالاَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، نُحدَّثُكَ بِحَدِيْثٍ؟
قَالَ: لاَ.
قَالاَ: فَنَقرأُ عَلَيْكَ آيَةً؟
قَالَ: لاَ، لَتَقُوْمَانِ عَنِّي، أَوْ لأَقُومَنَّه.
فَقَامَا.
فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: يَا أَبَا بَكْرٍ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُقرَأَ عَلَيْكَ آيَةٌ؟
قَالَ: ..... ، وَقَالَ: خَشِيتُ أَنْ يَقْرَآ آيَةً فَيُحَرِّفَانِهَا، فَيَقِرُّ ذَلِكَ فِي قَلْبِي.
وَقَالَ رَجُلٌ مِن أَهْلِ البِدَعِ لأَيُّوبَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَسْأَلُكَ عَنْ كَلِمَةٍ؟
فَوَلَّى، وَهُوَ يَقُوْلُ بِيَدِهِ: لاَ، وَلاَ نِصْفَ كَلِمَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ طَاوُوْسٍ لاِبْنٍ لَهُ يُكَلِّمهُ رَجُلٌ مِن أَهْلِ البِدَعِ: يَا بُنَيَّ، أَدْخِلْ أُصبُعَيكَ فِي أُذُنَيكَ حَتَّى لاَ تَسْمَعَ مَا يَقُوْلُ.
ثُمَّ قَالَ: اشْدُدْ اشْدُدْ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرضاً لِلْخُصُوْمَاتِ، أَكْثَرَ التَّنقُّلَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: إِنَّ القَوْمَ لَمْ يُدَّخرْ عَنْهُم شَيْءٌ خُبِّئَ لَكُم لِفضلٍ عِنْدكُم.
وَكَانَ الحَسَنُ يَقُوْلُ: شَرُّ دَاءٍ خَالَطَ قَلْباً -يَعْنِي: الأَهوَاءَ-.
وَقَالَ حُذَيْفَةُ: اتَّقُوا اللهَ، وَخُذُوا طَرِيْقَ مَنْ كَانَ قَبلَكُم، وَاللهِ لَئِنْ اسْتَقَمتُم، لَقَدْ سَبَقتُم سَبْقاً بَعِيْداً، وَلَئِنْ تَرَكتُمُوهُ يَمِيْناً وَشِمَالاً، لَقَدْ ضَلَلْتُم ضَلاَلاً بَعِيْداً -أَوْ قَالَ: مُبِيناً-. (11/ 286)
قَالَ أَبِي: وَإِنَّمَا تَركتُ الأَسَانِيْدَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ اليَمِيْنِ الَّتِي حَلَفتُ بِهَا مِمَّا قَدْ عَلِمَه أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَلَوْلاَ ذَاكَ، ذَكَرْتُهَا بأَسَانِيْدِهَا، وَقَدْ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ اسْتَجَارَكَ، فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} [التَّوبَةُ: 6].
وَقَالَ: {أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأَعْرَافُ: 54].
فَأَخبَرَ أَنَّ الأَمْرَ غَيْرُ الخَلقِ.
وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ القُرْآنَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ البَيَانُ} [الرَّحمنُ: 1 - 4].
فَأَخبرَ أَنَّ القُرْآنَ مِنْ عِلمِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُوْدُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم، قُلْ: إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى، وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ العِلْمِ، مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيْرٍ} [البَقَرَةُ: 120]
وَقَالَ: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البَقَرَةُ: 145].
¥