تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فقه القلم ... من الفتاوى]

ـ[أبو البراء الداري]ــــــــ[14 - 01 - 10, 10:02 م]ـ

: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين .. وبعد.

فقد اطلعت لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي على السؤال الوارد إليها برقم (2) وتاريخ20/ 6/1430هـ، ونصه: "إنه في كثير من الأحيان يقوم بعض المتخصصين وغيرهم بتكليف الغير بكتابة البحوث والموضوعات العلمية، مقابل أجر عن هذا العمل، ثم نسبته إلى من يدفع الأجر، وفي بعض البلدان يوجد مكاتب متخصصة تمارس هذا العمل على وجه الاحتراف والمهنة، فما حكم هذا العمل؟ "

وقد تم عرض هذا الموضوع في موقع الفقه الإسلامي كحلقة نقاش، وشارك فيها نخبة من طلبة العلم والمتخصصين والقانونيين، وبعد النقاش تبين الآتي:

أولا: عند تدقيق النظر في هذه المسألة من حيث الوقوعُ نجدها لا تخلو من حيث الأثر المترتب عليها من حالين:

الأول: أن يترتب على هذا البحث الحصول على درجة علمية، أو ترقية وظيفية ونحوه.

الثاني: ألا يترتب على هذا التكليف الحصول على درجة علمية أو ترقية، إنما المقصود منه الدعوة إلى الله، أو المشاركة في المؤتمرات والندوات ونحوه، أو نشر العلم، أو الإجابة على أسئلة المستفتين، أو التصدي للباطل وإظهار الحق، أو الرد على المفسدين والمبطلين ونحوه.

ثانيا: الصور المندرجة تحت هذين القسمين لا تكاد تخرج عن صورتين أساسيتين:

الصورة الأولى: أن يكون العمل مشتركا بينهما، بأن يقوم الباحث-بالأجر- بجمع المادة، ثم يقوم المكلِّف بدور أصيل فيها، بالترتيب والتقديم والتأخير والتنسيق والترجيح والنظر في الأدلة والمناقشات والأقوال، فهذا القسم لا بأس به إن شاء الله، وهو من التعاون على البر والتقوى، بشرط كون المكلِّف من أهل العلم والبحث، لكن لكثرة مشاغله استعان بغيره؛ إذ قيام المكلِّف بالترتيب والتقديم والتأخير والتنسيق والترجيح والنظر في الأدلة والمناقشات والأقوال يدل على أنه عالم ومتمكن من البحث، ولكنه قد يكون منشغلاً بأعمال أخرى، فشأنه شأن غيره ممن يفوض أو يوكل آخرين ببعض أعماله.

وسواءً كانت هذه الاستعانة مقابل مال يدفعه المكلِّف، أو تطوعاً من الباحث. وهذا الحكم يطَّرِد في البحوث العلمية الأكاديمية، أو تجهيز المحاضرات والندوات، وأوراق عمل المؤتمرات والأبحاث عبر المواقع الالكترونية وغير ذلك، وكون الباحث أخذ أجراً على عمله أمر مشروع؛ إذ قد يستغرق البحث أشهراً عديدة؛ بما قد يُشغل المكلِّف عن حقوق والديه ونفسه وأسرته، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

ويشترط لجواز هذه الصورة ألا يُبنى على البحث درجة علمية، ولا ترقية وظيفية يشترط فيها أن يقوم الباحث بالعمل بنفسه؛ لمنافاته حينئذ مع المقصود من البحث، وهو إظهار قدرة الباحث على البحث وإظهار وتبيين إبداعه.

أما في حال كون المكلِّف ليس من أهل العلم، فإن هذا لا يجوز؛ لما في ذلك من الكذب والتزوير والتزييف، والتعاون على الإثم والعدوان، وتشبع من نُسب إليه البحث بما لم يعط.

الصورة الثانية: ألا يكون للمكلِّف دور البتة، فيقوم الباحث-بالأجر- بالجمع والتحرير والكتابة والتنسيق وصوغ العبارات وتحرير المقاصد والاختيار والترجيح والتعليل وكل ما من شأنه أن يؤهِّل البحث للتقديم والقبول، ثم يقوم المكلِّف بتقديمه.

فهذا العمل لا يجوز؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، والتشبع بما لم يعط، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، كما قال عليه الصلاة والسلام. البخاري (4818) ومسلم (3972)، وأكل المال بالباطل من قبل الباحث بالأجر، وهو ما صدرت به فتوى اللجنة الدائمة، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. انظر: فتاوى اللجنة الدائمة 12/ 204،203، وكتاب العلم للشيخ محمد العثيمين 89.

وسواء كان المكلِّف عنده قدرة على جمع المادة وترتيبها والتقديم والتأخير والنظر في الأدلة والأقوال، أم لم يكن عنده القدرة، وإن كان إثمُ غيرِ المؤهَّل أعظمَ. فغير المؤهل يحرم عليه ذلك كله؛ لأن عمله قائم على الغش والخداع والتعاون على الإثم والعدوان من قبل الباحث أو الباحثين؛ فمن أمانة العلم أن ينسب القول لمن قاله، ولا يستفيد من الغير ثم يسند الفضل إلى نفسه، فإن هذا لون من السرقة وضربٌ من الغشِّ والتزوير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير