[كلام أهل العلم في غربة التوحيد]
ـ[همام بن همام]ــــــــ[01 - 03 - 05, 02:53 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فأرجو من الأخوة من المشايخ وطلبة العلم، أن يساعدوني في جمع كلام أهل العلم ممن نعى غربة التوحيد لما في ذلك من تنشيط النفوس والاهتمام بهذا الأصل العظيم. وأبدأ بما وجدته من كلام الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى في كتابه هذه مفاهيمنا. قال سدده الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد: فإن الفتن في هذا الزمان تتابعت، وتنوعت وتكاثرت، فمنها الفاتن للجوارج، ومنها الفاتن للقلوب، ومنها الفتان للعقول والفهوم، وقد خاض أناس في الفتن غير مبالين، وخاض أناس غير عالمين، وخاض فئام عالمين، وخاضت جماعات مقلدين.
حتى أصبح ذو القلب الحي ينكر من يراه وما يراه، فلا الوجوه بالوجوه التي يعرف، ولا الأعمال بالأعمال التي يعهد، ولا العقول بالعقول المستنيرة، ولا بالفهوم المنيرة.
فهو مخالط للناس بجسمه، مزايل لهم بعمله، يعيش في غربته بين جلدته، حتى يأذن الله بحلول الأجل فيلحق – إن عفا الله وغفر – بمن يفك غربته ويؤنس وحشته.
وإن من أعظم تلك الفتن وأشدها صرفاً عن الصراط المستقيم الفتنة عن تحقيق معنى الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكم من فاتنٍ عنها بعلم، وكم من مفتونٍ عنها بتقليد.
ولهذا الفتنة، عن تحقيق معنى الشهادتين صوركثيرة، جمع صورها هذا الزمان وأهله، وما اجتمعت في وقتٍ اجتماعها وتواردها في هذا الزمن، فما أقل الفقيه بها، المجاهد لها، على تنوعها وتشعبها، وظهورها وجلائها.
فطوائف من الناس إذا سئلوا عن معنى كلمة التوحيد ظنوا معناها لا خالق موجود إلا الله، وكأن أهل الجاهلية والعمى ممن بعثت إليهم الرسل يقولون بتعدد المبدعين الخالقين المدبرين، حتى تبعث لهم الرسل
بلا إله إلا الله.
والشأن أن أولئك الجاهلين كانوا يُعَددون معبوديهم لا خالقهم، فأتت الرسل بلا إله إلا الله ومعناها
ما قال نوح لقومه {أن لا تعبدوا إلا الله} بالمطابقة.
والعبادة: هي الذل والخضوع والاستكانة في لغة العرب، وسميت العبادات بذلك لأنها تُفْعَل مع الذل والخضوع والاستكانة، وتورثُ الخضوع لرب العالمين في المآل، لأمره ونهيه، والأنسَ به والذل بين يديه والانكسار.
هذا ما تعلمه العرب من كلامها، فلفهمِهم المعنى أبوا أن يخضعوا لـ "لا إله إلا الله" ولو بنطقِ كلمة.
وإذا تدبرت أحوال بعض الناس اليوم وجدت ذلهم وخضوعهم عند القبور وأبنيتها، وتحت قباَبِها وفي المسير إليها أعظم من خضعانهم وانكسارهم إذا كانوا في مسجدٍ لله ليس فيه قبر، ولا قُبَّة.
وعند القبور تلك من نواقض معنى إفراد الله بالعبادة شيء لا تحصر صوره فمن طائف بالقبر سبعاً، ومن قائل: يا ولي الله اشفِ مريضي، وأزلِ الدينَ عني، ومن قائل: أنا في حَسْبك ووقايتك ادفعِ الآفات عني. يعتقدون في المقبور أن له تصرفاً في الكون بتفويض الله له التصرف، فمنهم من أُعطيَ بلداً يرزقُ من يشاء ويدفع عمن يشاء، ومنهم من أعطي قُطراً، ومنهم من فُوَّضَ له ربعُ العالم، ومنهم من فُوَّض له أمرُ الأرض كلها، وهو المسمى بالغوثِ، هكذا يزعمُ عبادُ القبور.
وهؤلاء في ذلك كمن اعتقد تفويض الله أمرَ العالم للكواكبِ السبعة.
ومنهم من أبى عقلُه أن يشرك في التصرف، كما فعله أولئك، ولكنه سار مع طائفةٍ أخرى في ما سماه أبو البقاء الكفويُّ في "الكليات" شرك تقريبٍ، وهو سائقٌ لشركِ التصرف.
فادعى مع المدَّعين، وخاض مع الخائضين، وطلب من الأموات المقبورين أن يشفعوا له في غُفْران ذنبه، أو سَعَةِ رزقه، أو رفع كربته، أو شفاء مريضه، يدعون الوسائط أن تتوسط لهم عند الله فتشفع بحاجاتهم.
¥