من هنا كان ردنا على بحورك المقترحة (الغزل والكرمل وغيرها) , والتي لا تجديد فيها , ولا إبداع في مضمونها , بل هي أوزان لها أصل خليلي وليس لها أي أصل تجديدي.
ويقول الأستاذ معين:
قبلية الشعر وبعدية العروض
العروض هو علم استنباطي وليس استقرائياً! بمعنى أن الشعر كان قبل أن تؤثث العروض بتفعيلاتها وبحورها! ولهذا فلقد استنبطت العروض من ظاهرة الهيئة الكاملة لنغمات نُظم وفقها الشعر! ولكي نفهم ما دار بخلد الفراهيدي علينا أن نصغي بمصاغي أرواحنا الى نغمة البحر مجردة ومفارقة لتجسيدها الكلامي! النغمة الطاهرة! وساعتئذ سنعرف أن الفراهيدي اكتشف قبل كل شيء حدود المقطع النغمي قبل أن يجسدها في تفعيلة وقبل أن تحدد نبراتها الصوتية المتجسدة بمقاطع ساكنة ومتحركة.
@@@@@@@@@@
ويجيب غالب الغول بقوله:
((((نعم إن العروض علم استباطي , مثله مثل النحو والصرف. جاء لتثبيت قواعد كانت موجودة قبل الخليل بأزمان وأزمان , لكن الخليل استنبطها من غيره , وقد تكون من محاكاة الطبيعة وقد تكون مأخوذة من أفواه الطيور المغردة كالحمام بهديله الإيقاعي وليس من أفواه من قال الله فيهم ((إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)) لأن صوت الحمير غير إيقاعي , بينما صوت زقزقة العصافير معظمها إيقاعية لها رتابة خاصه.
والخليل جعل التفاعيل قوالب لإيقاع الكلمات لتكون مقياساً لها في الوزن والصورة. ومن هنا يمكن القول: بأننا قد نستغني موسيقياُ عن حدود التفاعيل لنأتي بحدود الإيقاع الموسيقي مثل الدندنات والتمتمات وغيرها هكذا:
دنُ دنْ دُ دُنْ (يقابلها: مستفعلن)
ولكن يبقى نبر الدندنات ثابت في مواقعها سواء أكانت تفاعيل أو كلمات أو دندنات , وهذا هو سر الإيقاع الشعري الموسيقي.
يقول كتاب الكافي في العروض والقوافي صفحة (3):
(((العروض علم .... هي القدرة على الفطنة إلى نغم الكلام ثم حسابه وتحليله ولا بد من الحساب والتحليل ,إن الفطنة وحدها تصنع الشاعر ومتذوق الشعر , أما العروضي فغرضه الضبط والتصنيف ووضع المقاييس)))
الضبط: هو ضبط تتابع الأسباب والأوتاد التي جُمعت على هيئة جُمل موسيقية تسمى بالتفاعيل.
التصنيف: هو معرفة حدود البحور الشعرية وإيقاعها , ولكل بحر جُمَلَه الموسيقية وعدد نبراته المحدودة لخدمة الإيقاع.
ووضع المقاييس: أي وضع المقاييس الوزنية وهي إما أن تكون المقاييس للقصيدة كلها رباعية الوزن (سباعية التفاعيل)
وإما أن تكون القصيدة كلها ثلاثية الوزن (خماسية التفاعيل).
وإما أن تكون القصيدة كلها مختلطة بين الوزنين الرباعي والثلاثي) كما في بحور دائرة المختلف (الطويل والبسيط والمديد) وغيرها من البحور.
ويقول الأستاذ معين:
وهذا يعني أن زمنية صيرورة العروض لها أهمية قصوى في قياس البحر، فأولاً يجب أن ندرك ذهنياً نغمة البحر بكامل هيأته، ومن ثم نحدد حدود تفعيلاته، وأما التقطيع فهو من أجل الفحص والموازنة أو المقارنة.ولهذا حين نضع بحراً من البحور على مائدة التشريح، يتوجب علينا أولا أن نلم بكامل هيأته النغمية ومن ثم حدود تفعيلاته، ومن ثم نقطع نبراته!! وإلا وقعنا في أخطاء لا تجيزها العروض كتداخل تفعيلة بأخرى أو تجزيء تفعيلة لإثبات فسادها!
@@@@@@@@@@@@@@
ويرد غالب الغول قائلاً:
صدقت يا أستاذ معين بما قلته بأن عيلنا معرفة النغم الإيقاعي لكل بحر أو لما ينشده الشاعر , ومن خلال هذا النغم الإيقاعي نستطيع أن نحدد التفاعيل ودندناتها وتمتماتها ونبراتها , لنقول بعد ذلك هذا بحر الطويل أو البسيط أو غيره من البحور. ولكن كلمة (نقطع نبراته) , كان من الأحسن القول ((نحدد مواقع نبراته)))))))
ويقول الأستاذ معين:
المنزلة النغمية
لاحظت أن الكلمات العربية تختصر في خمس منازل نغمية، ولهذا استحال على الفراهيدي ومن أتى بعده أن يوجد تفعيلة من ست منازل! وتحاشى تفعيلات من منزلتين ومن منزلة واحدة، بالرغم من أنه أقحمهما في الزحافات بأشكال مختلفة ك فعلن من منزلتين (من تشعيث فالن) و فعْ ضرب أبتر!
@@@@@@@@@@
ويرد غالب الغول بقوله:
¥