تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والمعنى الأكبر الذي قصدته أن الدارس للعروض يلاحظ أنَّ تفعيلة البحر المتقارب (فعولن) مثلاً هي في حقيقتها فَرعٌ من فروع الهَزج (مفاعيلن) عند وقوع الحذف في تفعيلتها فتصير (مفاعي) فتردُّ إلى (فعولن)، وهي أيضاً فرع من فروع الرجز (مستفعلن) عند وقوع الكَبْل فيها فتصير (مُتَفْعل) فتردُّ إلى (فعولن) أيضاً.

والتفعيلة (مفاعلن) هي فرع من تفعيلة الهزج (مفاعيلن) قَبضاً، ومن تفعيلة الوافر (مفاعلتن) عَقلاً، ومن تفعيلة الكامل (متفاعلن) وَقصاً، فإذا نظم الشاعر على هذه التفعيلة قصيدةً كاملةً أمكن إرجاع وزنها إلى هذه البحور الثلاثة جميعاً، وقد ورد في شعر العرب شطر بيت على هذا الوزن وهو قول الشاعر في وصف النساء:

وهُنَّ شَرُّ غالبٍ لِمَنْ غَلَبْ

بل في الحقيقة إن في الإمكان أن نعدَّ هذه التفعيلة (مفاعلن) وزناً مستقلاً، كما عُدَّت التفعيلة (فاعلن) وهي وزن الركض وزناً مستقلاً؛ فإنها في حقيقتها فرع من فروع تفعيلة الهزج (مفاعيلن) شَتْراً ومن تفعيلة الرمل (فاعلاتن) حَذفاً ومن تفعيلة (مفعولات) كسفَ خَبنٍ.

ومن جهة أخرى فإنَّ تفعيلة الكامل (متفاعلن) إذا أسكنت التاء فيها رُدَّت في حقيقتها إلى تفعيلة الرجز (مستفعلن)، وكذلك الحال في تفعيلة الوافر (مفاعلَتن) إذا أسكنت اللام منها ردَّت إلى تفعيلة الهزج (مفاعيْلن) وما زال الشعراء يسكِّنون هذين المتحرِّكين في البحرين المذكورَين فلا يعترض أحد عليهم بل يكسر تقطيع البحر لأجلهم ولو أن النقاد راعَوا قضية التداخل لَما وجدوا حرجاً في إدخال تفعيلة الرجز على الكامل ضيفاً، وكذلك الحال في تفعيلة الهزج.

يضاف إلى ذلك أن أكثر البحور الممزوجة ما هي في حقيقتها إلَّا نتاج التلاقح بين تفعيلات البحور الصافية، وإنما اختلفت أسماؤها باختلاف الموقع الجيني (كما في علم الوراثة) للتفعيلة:

فالسريع والمنسرح والمقتضب يشتركون في كون أصل وزن كل منها راجع إلى تفعيلة الرجز (مستفعلن) بتلقيح الرجز بالتفعيلة (مفعولات)، لكنها في السريع جاءت في آخر الوزن، وفي المنسرح متوسِّطةً، وفي المقتضب مبتدأً بها، وكذلك المديد والخفيف والمجتث ما هي إلَّا أبناء تفعيلة بحر الرمل (فاعلاتن)، المديد ملقَّحاً بتفعيلة الركض (فاعلن) [والذي هو كما تقدَّم ابن من أبناء الرمل والهزج]، والخفيف والمجتث ملقحان بتفعيلة الرجز (مستفعلن)، وقس على هذا الحال.

أرجو أن تكون الفكرة واضحةً الآن!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير