تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[24 Sep 2010, 10:50 ص]ـ

وهذا فصل منقول عن رسالة العلامة محمد أمان الحامي رحمه الله في الصفات فلتتفضلوه مشكورين:

إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن دون السنة:

على الرغم من إجماع الأمة الإسلامية على أن السنة صنو القرآن، وأنها هي الحكمة المذكورة في القرآن في عديد من الآيات، وعلى الرغم مما هو معروف من أن الدين الإسلامي مستمد من الكتاب والسنة معاً عقيدة وأحكاماً، على الرغم من كل ذلك لم تسلم السنة من أقلام بعض المتهورين المتطرفين، ولفرط جهلهم أطلقوا على أنفسهم (القرآنيون) أي العاملون بالقرآن -في زعمهم- المكتفون به، المستغنون عن السنة، هذا تفسير كلمة (القرآنيون) بناء على زعمهم، ولكن التفسير المطابق لواقعهم إذا نظرنا إلى تصرفاتهم أنهم المخالفون للقرآن، اتباعاً للهوى، وتقليداً لبعض الزنادقة، التقليد الأعمى، لأنهم في واقعهم قد خرجوا على القرآن بخروجهم على السنة، لأنهما كالشيء الواحد من حيث العمل بهما، إذ السنة تفسير القرآن، ولأن القرآن نفسه يدعو إلى الأخذ بالسنة والعمل بها إيجاباً وسلباً، إذ يقول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، والأمر بأخذ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يشمل كل ما صحت به السنة المطهرة من الأحكام وإثبات صفات الله وإثبات المعاد وغير ذلك، ورد في القرآن أو لم يرد لأن ذلك من مقتضى الإيمان بالرسول ورسالته، ومما لا شك فيه أنه لا يتم الإيمان بالقرآن إلا بالإيمان الصادق بمن أنزل عليه القرآن، والإيمان به صلى الله عليه وسلم إنما يعني تصديقه في أخباره واتباع أوامره ونواهيه، وقد أوجب الله طاعته على وجه الاستقلال في قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.

وهو أمر لا يختلف فيه اثنان مسلمان، وأما هؤلاء القرآنيون الجدد فليس لهم سلف فيما ذهبوا إليه إلا غلاة الرافضة والزنادقة الذين في قلوبهم مرض كراهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أصحاب رسوله.

وهؤلاء الروافض مرضى القلوب زعموا - وبئس ما زعموا- وجوب الاكتفاء بالقرآن والاستغناء عن السنة مطلقاً في أصول الدين وفروعه، لأن الأحاديث في زعمهم رواية قوم كفار حيث كانوا يعتقدون أن النبوة إنما كانت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأن جبريل أخطأ فنزل بها إلى محمد صلى الله عليه وسلم بدل أن ينزل بها إلى علي رضي الله عنه، وهذا الزعم الفاسد والقولة الجريئة هي أساس شبهة الروافض في رد الأحاديث النبوية، وهي شبهة مختلقة كما ترى.

ومن لوازم رأيهم الفاسد هذا أن أمر الوحي مضطرب، فلا يصدر من لدن عليم حكيم الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، بل يتصرف فيه ملك الوحي كما يشاء ويختار، ينزل بالوحي على من يشاء ويعدل عمن يشاء بالوحي، كما يفهم من قول هؤلاء الروافض أن ملك الوحي نفسه غير معصوم أو غير أمين على الوحي وعلى أداء أمانة الرسالة، إذاً فما مدى إيمان الروافض بالله أولاً، ثم بالملائكة والنبيين عامة، وبخاتم النبيين خاصة، وبالكتاب الذي نزل عليه؟!!

وبعد: فلقد حاول هؤلاء الزنادقة والروافض إزالة السنن من الوجود والقضاء عليها -لو استطاعوا- أو أن يجعلوا وجودها وجوداً شكلياً فاقداً للقيمة، إلا أنهم لم ينالوا خيراً، ولم يستطيعوا أن ينالوا من السنة شيئاً، فانقلبوا خاسرين ومهزومين، مثلهم كمثل الذي يحاول قلع جبل أحد مثلاً فأخذ يحوم حوله وفي سفحه لينقل من أحجاره حجراً حجراً ظناً من أنه يمكنه بصنيعه هذا قلع الجبل وإزالته من مكانه، أو كالذي يغترف من البحر اغترافاً بيده أو بدلوه محاولاً بذلك أن ينفد البحر أو ينقص.

وما من شك أن هذا المسكين سوف تنتهي أوقاته ويجيء أجله المحدود والمحتوم، والجبل باق مكانه شامخاً ليصعد أصحاب الخبرة ويترددوا بين شعابه، ليعثروا على ما قد يخفى على غيرهم، بين تلك الشعاب المتنوعة التي لا يفطن لها غيرهم إذ لكل ميدان رجال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير