[من الآيات الدالة على وقوع عذاب القبر وتحليلها]
ـ[الخطيب]ــــــــ[01 Oct 2010, 03:33 ص]ـ
تمهبد:
لقد ابتليت الأمة اليوم بنفر من المتعالمين الذين بلغ بهم الغرور مبلغه، فظنوا أنهم وحدهم أولو الألباب والنهى، وأن سائر الخلق من سابق ولاحق، هم دونهم وعيا وفهما وذكاءً، فراحوا يحاكمون كتب السنة إلى أفهامهم العليلة، ظنا منهم أنها تخالف القرآن في بعض موضوعاته مخالفةً لا يمكنهم السكوت عليها، وأنّى لهم أن يسكتوا على ذلك وهم الغيورون على الإسلام، ولأنهم أهل للابتكار، فقد أتوا بما لم يأت به الأوائل، فأنشأوا قانونا للتعامل مع السنة يحاكمون مروياتها من خلاله إلى القرآن، فإن وافقته قبلوها وإلا، فلا، مهما كانت رتبة الرواية، ومهما كان مُخرِّجها.
ولأنهم يعلمون قيمة صحيح البخاري عند أهل العلم به، فقد جعلوه مرمىً لسهامهم، يطعنون في مروياته بدعوى مخالفتها لآيات القرآن، والله وحده يعلم أن لا مخالفة بين صحيح الأحاديث وصريح الآيات إلا في عقول من لا يُقَدِّرون للسنة قدرها، ولا يفقهون من الكتاب إلا قليلا، ولو أنهم أخلصوا في دعواهم، لتريثوا قبل أن يتخبطوا، ولراضوا أنفسهم بالصبر والتأني والبحث والدرس، حتى يقفوا على حقيقة الأمر، فإن أعياهم ذلك، فما كان يضيرهم أن يسألوا أهل إن كانوا لا يعلمون.
وكان من بين الموضوعات التي طرحها بعضهم مؤخرا موضوع عذاب القبر الثابت خبره بالأحاديث القطعية المتواترة، حيث قال قائلهم: إن القرآن لم يتحدث عن عذاب القبر، لا، بل إن آيات القرآن تعارض أن يكون هناك عذابٌ في القبر، فكيف تأتي السنة بما يتعارض وآيات القرآن؟
هكذا زعم المدَّعي.
ولأن الحكمة ضالة المؤمن، فقد تتبعت ما ذكره من آيات زعم أنها تنفي أن يكون هناك عذاب قبر، فألفيتها آيات تتحدث عن عذاب الآخرة، فجعل هذا الواهم تخصيص عذاب الآخرة بالذكر دليلا على نفي وجود عذاب القبر.
ياله من دليل!!
فمتى صح عند العقلاء أن تخصيص الشيء بالذكر دليل على نفي ما عداه؟
والعجيب أن من يسمى شيخ القرآنيين "أحمد صبحي منصور" وهو يصر على إنكار أي لون للحياة في القبر يعترف بأن قاعدته هذه لها استثناءات ممثلة في حياة الشهداء، ويعترف أيضا بعذاب آل فرعون وقوم نوح في قبورهم. ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=17#_edn1))
لكن لا عجب، فإن الأمر واضح، فهو لم يستطع أن يلف حول هذه النصوص القرآنية الواضحة في المسألة، موهما أنه استطاع أن يتعامل مع سواها بالتأويل والدهاء.
ونخاطبه بصوت العقل الذي يزعم ورفاقه أنهم وحدهم أهله واصفين غيرهم - وخصوصا علماء الأزهر - بالجهل ونسائله:
في أي عقل يمكن أن يكون مقبولا التفريق بين المتماثلات، وخصوصا في أمر الثواب والعقاب، فلماذا –حسب زعمك - لا يُنَكّل في القبر بمن فعلوا فعل قوم نوح وزادوا عليه، ولماذا لا ينال عذاب القبر من فَعل فِعل آل فرعون؟
ونخاطبه بصوت القرآن الذي ينسب نفسه إليه، ونسائله:
هل يمكن أن يخالف القرآن منهاجه العادل في المساواة بين الناس في قانون الثواب والعقاب؟ ولماذا هذا التجني على القرآن؟ فمتى فرّق القرآن الكريم بين آل فرعون وشركائهم في الكفر والتكذيب في الحكم عليهم بالعقاب الذي يستحقونه؟
إن القرآن الكريم يصرح بأن آل فرعون ومن يساوونهم في الكفر والتكذيب هم سواء في استحقاق العذاب.
قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ 10كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ] (سورة آل عمران:10، 11)
وقال سبحانه:
¥