هل ذُكِرَ اسم «محمد» - صلى الله عليه وسلم - في أسفار أهل الكتاب؟
ـ[فيصل الكاملي]ــــــــ[15 Sep 2010, 06:44 ص]ـ
http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png
يزعم علماء أهل الكتاب أن أسفارهم «المقدسة» لا تحوي أثراً لاسم محمد - صلى الله عليه وسلم - البتة، وأن قول الله - عز وجل -: {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ} [الأعراف: 751] هو محاولة إضفاء الشرعية والقداسة على الرسالة الخاتمة، رسالةِ الإسلام التي هي عندهم دين مقتبَس عن اليهودية والنصرانية. وبغضِّ النظر عن هذه المزاعم الباطلة إلا أن الحديث عمَّا يسمى بـ «الكتاب المقدس» ( Holy Bible) ليس في الحقيقة حديثاً عن التوراة والإنجيل اللذين هما كتابان منزلان من عند الله. وبناءً عليه فلو لم يرِد اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم «المقدس» الذي بين أيديهم ما كان ذلك قدحاً في تقرير القرآن الكريم.
فـ «الكتاب المقدس» ينقسم إلى قسمين رئيسين:
العهد القديم: ويشترك في الإيمان به اليهود والنصارى، ويحوي هذا القسم أحكاماً وقصصاً تمتد من بدء الخليقة إلى القرن الخامس ق. م تقريباً، كتبها عدد من المجاهيل الذين لا يُعلم حالهم.
أما العهد الجديد: فلا يَقْبَلُه سوى النصارى، ويشتمل على سيرة المسيح - عليه السلام - كما لفَّقها كُتَّابها: متَّى ومرقُص ولوقا ويوحنا، بالإضافة إلى رسائل يُنسَب بعضها إلى بولس اليهودي وبعضها إلى غيره.
ولكن لتطمئن قلوب المؤمنين وتزداد قلوب الجاحدين حسرة، ولا يُتَّهمَ المسلمون بالحيدة عن الجواب على أي حال، أُورِد هنا فِقْرات من العهد القديم الذي يتفق اليهود والنصارى على قَبُولها، بقي فيها اسم «محمد» - صلى الله عليه وسلم - صريحاً رغم عبث العابثين. وبغضِّ النظر عن صحة نسبة النص إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أو بطلانه، فإنها تبقى شهادةً تاريخية سابقة لبعثة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ودليلاً على ورود اسمه الكريم منذ ذلك الزمن في وحيٍ أصيلٍ أخفاه الأحبار والرهبان، كما أخفوا غيره من الكتاب. وسأكتفي في هذا الجزء من المقال ببيان التحريف الذي نال النص دون بيان معناه الأصلي الذي سأُفرِد له الجزء الثاني إن شاء الله.
ترِد هذه الفِقْرات في سفر «هوشع» – وهو أحد أسفار العهد القديم المعتمَدة – في سياق توبيخ بني إسرائيل على ما اقترفوه من الخطايا والآثام؛ إذ خاطبهم «الرب» قائلاً:
«1 لاَ تَبْتَهِجْ يَا إِسْرَائِيلُ وَلاَ تَطْرَبْ كَبَقِيَّةِ الشُّعُوبِ، لأَنَّكَ قَدْ خُنْتَ إِلَهَكَ وَهَجَرْتَهُ، وَأَحْبَبْتَ أُجْرَةَ الزِّنَى عَلَى كُلِّ بَيَادِرِ الْحِنْطَةِ.?2 لِهَذَا فَإِنَّ الْبَيْدَرَ وَالْمِعْصَرَةَ لاَ يُطْعِمَانكُمْ، وَالْخَمْرَةَ الْجَدِيدَةَ لاَ تُلَبِّي حَاجَتَكُمْ.?3 لَنْ تَظَلُّوا مُقِيمِينَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ بَلْ يَرْجِعَ أَفْرَايِمُ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ، وَيَأْكُلُوا لَحْماً نَجِساً فِي أَشُّورَ.?4 لاَ تَسْكُبُوا لِلرَّبِّ خَمْراً وَلَنْ تَسُرَّهُ ذَبَائِحُكُمْ، بَلْ تَكُونُ لَكُمْ كَخُبْزِ النَّائِحِينَ. كُلُّ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ يَتَنَجَّسُ؛ إِذْ يَكُونُ خُبْزُكُمْ لِسَدِّ جُوعِكُمْ فَقَطْ، وَلاَ يَدْخُلُ أَبَداً إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ». [هوشع 9: 1 - 4]
وبعد فِقْرات من التوبيخ يسألهم الرب قائلاً:
«ما تعسو ليوم موعِيد وليوم حج يهوه؟ كي هيني هالخو مشُّود. مصرايم تقبصم، موف تقبرم، مَحْمَد لخسبام، قيموش ييراشم، حوح بأُهُليهم. باؤو يَمي هبّجوداه، باؤو يمي هشِّلُّوم. يِدعو يسرَئيل إفيل هنَّفي، مِشُجَّع إيش هروح؛ عل روف عفونخا، فِرَبَّاه مسطماه».
وتفسيره وِفْقَاً لأغلب التراجم العربية والأعجمية – مع فروق يسيرة –:
«5 ماذا تصنعون في يوم الموسم وفي يوم عيد الرب. 6 إنهم قد ذهبوا من الخراب؛ تجمعهم مصر، تدفنهم موف، يرث القريص نفائس فضتهم، يكون العوسج في منازلهم. 7 جاءت أيام العِقاب، جاءت أيام الجزاء سيعرف إسرائيل، النبي أحمق، إنسان الروح مجنون، من كثرة إثمك وكثرة الحقد».
¥