تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من سرق القرآن؟!]

ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[12 Sep 2010, 04:34 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وكل عام وانتم بخير وتقبل الله طاعتكم: مزق القرآن على يدي هالك اختار طريق الخسران، وبكى الناس لأجل ذلك، ولكني ما بكيت لهذا وإنما بكيت لحدث أصعب ومصاب أعظم، وذلك بأن القرآن سرق قبل أن يمزقه ذلك الآثم، نعم سرق! أما كيف سرق القرآن؟ ومن الذي سرقه؟! فهذا محور موضوعي الذي أطرحه في منتدى الانتصار للقرآن.

الحقيقة ان أشكال سرقة القرآن تنوعت وفقا للسارق وطريقته في السرقة، فالتجارة سرقت القرآن، وذلك لما صار التاجر لا يراقب اوامر القرآن (َيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ). ولما صار يحلف الكذب؟ ليتفق سلعته متجاهلا القرآن وهو يقول: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون). ولم يعد للقرآن أثر في قلبه، ولو كان له أثر لكان في زمرة من ذكرهم القرآن فيمن يرفعون ذكر الله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {36} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {37} النور.

السارق الثاني: الأهواء والشهوات: وذلك لما تحكمت بنا، فعندئذ تركنا التحاكم لله ورسوله الذي أمرنا القرآن به، وصارت حالنا كما صورها القرآن الكريم: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ {48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ {49} أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {50} إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {52} النور. وهكذا نجد القرآن يحدد هوية من آمن به وحافظ عليه من أن تسرقه الأهواء.

السارق الثالث: الأهل والأولاد: خشينا عليهم، ولأجل إنقاذهم خالفنا وصية القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} النساء135. وهنا أيضا يبين القرآن أنه لا يجب أن يحجب الحق بسحب العاطفة للأهل والأولاد، بل يجب أن يستمر ساطعا ليعيش الناس بعدل حقيقي.

أنا أعني بعبارة (سرقة القرآن) بعد هذه النماذج، أعني ترك العمل بأحكامه، وفقدان تأثيره في حركة حياتنا، إن القرآن الموجود اليوم، ورق يقرأ، ولكن القرآن عند سلفنا من الصحابة والتابعين، واقع يطبق: ففي مستدرك الحاكم بسنده عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا إذا تعلمنا من النبي صل1عشر آيات من القرآن لم نتعلم من العشر الذي نزلت بعدها حتى نعلم ما فيه قيل لشريك من العمل؟ قال: نعم. فذلك الكتاب العزيز الذي لما تليت منه (طه) على عمر بن الخطابرض1 أسلم، وسمعه الوليد بن المغيرة فقال: والله إن لقوله الذي يقول حلاوة و أن عليه لطلاوة و أنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله و أنه ليعلو و ما يعلى و إنه ليحطم فاتحته. إنه القرآن الذي سالت من خشية دموع العابدين، وبددت أنواره ظلم الطغاة والمشركين، وزلزلت أحكامه عروش الجبابرة والمتكبرين، وانتصف به المظلوم من الظالمين.

واليوم نبكي على نسخة من القرآن يمزقها نذل يظن نفسه انتصر وانهى من الوجود صوت الحق الذي أصم آذان الباطل من قوة صوته، وثباته حججه، وتغافلنا عن النظر لمسلم مزق سلطان القرآ في قلبه، نعم لقد سمعت الرجل الذي قال له صاحبه وهو يقرأ القرآن: يا هذا إنك تتلو القرآن الذي يأمرك برد الحقوق لأصحابها فأعطني حقي، فقال له: لا علاقة للقرآن بهذا (كل شيء لحال).

لقد جاء رمضان ليعيد لنا القرآن من أيدي سارقيه، فتراك تسمع العذب من الأصوات التي تغنت بالقرآن، ورأيت الأيادي المنفقة بسبب قرآن رمضان، وأخرجت الزكاة بسبب قرآن رمضان، وغيرها من أعمال الخير، وها قد مضى رمضان، فمن يعيد لنا القرآن بعد يا رمضان؟

خلاصة الموضوع: لا تبكي أن مزقت نسخة من القرآن، ولكن ابكي أن سرق القرآن.

لا تسأل كيف ومن مزق القرآن، ولكن اسأل كيق ومن سرق القرآن.

الله انصر كتابك، وأعد هبته لقلوبنا أجمعين و صلى الله على نبينا المبعوث بالقرآن رحمة للعالمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير