ومن الإضافات الثرية التي جاءت بدراسة الدكتور محمد حسن جبل أنه استدرك على مؤرخي القراءات، فأضاف عددا من الصحابة إلى هذه الطبقة، هم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأثلة بن الأسقع، ومعاذ بن جبل، وفضالة بن عبيد الأنصاري، وأنس بن مالك، وشهاب القرشي. وهذه الطبقة تلقت القرآن مشافهة- لا بالكتابة- عن النبي الذي تلقى وحي السماء بشخصه. وبهذا العدد تكون هذه الطبقة- وهي الأهم على الإطلاق- تزيد عن الحد الأدنى من العدد الذي يتحقق به "تواتر النقل" زيادة واضحة، وهو بين الخمسة والعشرة.
أما الطبقة الثانية من الحفاظ فتضم- عند المؤرخين- اثني عشر صحابيا وتابعيا، هم: أبو هريرة، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وعبد الله بن السائب، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وحطان بن عبد الله الرقاشي، والأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الله بن عياش، وأبو رجاء العطاردي، وأبو الأسود الدؤلي، وأبو العالية الرياحي.
وقد استدرك المؤلف على هذه الطبقة مضيفا كلا من: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبادة بن الصامت، وعقبة بن عامر الجهني. وقد أحصى مؤرخو القراءات عدد مَن ساهموا في حفظ القرآن شفاهة بالتلقي والعرض حتى الطبقة الثامنة عشرة في القرن الثامن الهجري بأربعة وثلاثين وسبعمائة قارئ مع تعيين من تلقى عنه كل منهم، وصولا بالتسلسل غير المنقطع حتى الرسول صلى الله عليه وسلم.
أمة تحرس كتابها
ويناقش الدكتور محمد حسن جبل في الفصل الرابع صور تبليغ القرآن شفاهيا (جماعيا) بغير عرض، فكان يُسمِع القرآن مَن حضر مجلسه، ومن يدعوهم للإسلام، ومن يُصلُّون خلفه، وعلى جمهور المسلمين إذا نزل عليه وهو في السفر، كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يُقرئ بعض أصحابه بصورة فردية كأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، بل إنه كان يأمر أصحابه الحافظين بأن يُقرئوا حديثي العهد بالإسلام. وقد أحصى المؤلف ثلاثة وعشرين من الصحابة والصحابيات كان كل منهم يحفظ القرآن كاملا عن ظهر قلب في حياة النبي.
الباب الثاني من الكتاب يتناول "التدوين الخطي" للقرآن، وكان الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن كتابه أيضا عثمان بن عفان وخالد بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن الربيع الصيفي، وغيرهم.
ويحشد الكاتب عددا كبيرا من الشواهد على "فورية التدوين"، ما ينفي عن القرآن أي احتمال للتراخي بين نزوله وتدوينه كما حدث مع التوراة والإنجيل اللذين كتبا بعد سنوات طويلة من تنزيلهما، والفاصل بين التنزيل والتدوين- في الصورة الحالية للنص- هو عدة قرون، حيث كتبت على الأرجح في حقبة السبي البابلي.
وإلى جانب التدوين الفوري كان هناك ضمان موضوعي آخر يتمثل في المعارضة (أي المراجعة) وهو ما كان يحرص عليه الرسول.
وأروع ما يكشف عنه الكاتب عند تناوله الجمع الأول للقرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق قال لعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت، وكانا المكلفين بمهمة الجمع: "اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه"، فالقاعدة هي الإشهاد والأمة كلها مؤتمنة على كتاب الله، وليس وديعة بيد طبقة كهنوتية مغلقة، أثبتت التجارب أنها ليست حارسا على الوحي ولا حافظة له، بل كانت هي مَن حرفته بنفسها.
منقول: المصدر ( http://www.islamonline.net/ar/IOLIslamics_C/1278407027269/1278406720653/ قراءة-في-كتاب-%22 - وثاقة-نقل-النص-القرآني-الكريم%22)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Nov 2010, 04:30 ص]ـ
كأني قرأت هذا الكتاب منذ بضع سنوات ..
فهل صدر الكتاب سنة 2010 فعلا؟ أم أنها مجرد طبعة جديدة؟
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[09 Nov 2010, 07:32 ص]ـ
هذا رابط الكتاب من المكتبة الوقفية
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=579