تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الإعلان عن مسابقة في السيرة النبوية وجوائزها: ربع مليون (250000) ريال]

ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[19 Aug 2007, 10:24 ص]ـ

[الإعلان عن مسابقة في السيرة النبوية وجوائزها: ربع مليون (250000) ريال]

وهاكم الأنباء بالتفصيل:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن من ينظر في أوضاع المسلمين في صدر الإسلام، وما عانوه في العهد المكي من اضطهاد تخرُّ له الجبال الرواسي؛ يجد في ذلك العهد كثيراً من الدروس والعبر التي لا يجدها في العهد المدنيِّ، كما أنه يجد في العهد المدنيِّ دروساً أخرى لا يجدها في العهد المكيّ، وهذا من سمُوِّ هذه الشريعة وكمالها؛ فإنها تتلاءم مع جميع الظروف والأحوال.

نجد العهد المكيّ -على سبيل المثال- يمتاز بلين الجانب مع المخالفين، والصبر على أذاهم، والبعد عن استخدام القوَّة؛ كما في الحديث الذي رواه الشيخان عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها قالت لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يا رَسُولَ اللَّهِ، هل أتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كان أَشَدَّ من يَوْمِ أُحُدٍ؟

فقال: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَومَ الْعَقَبَةِ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابنِ عَبْدِ يَالِيلَ بنِ عَبْدِ كُلالٍ؛ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ -وَأَنا مَهْمُومٌ- عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قد أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ.

قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ))!

فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمَ: ((بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً)) أخرجه البخاري ومسلم.

وهذا يتلاءم مع ما يحكيه -صلى الله عليه وسلم- عن ذاك النبي الذي ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)). أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود.

وأما العهد المدنيّ: فيمتاز بكل ما من شأنه البناء والتأسيس لترسيخ أسس الدولة الإسلامية؛ لتكون عزيزة مهيبة الجانب، فلا يطمع طامع في النيل من حماها.

ولاشك أن الأمة الإسلامية ستمر -في بعض الأزمان أو بعض الأماكن- بحالة تشابه أحد العهدين؛ فلا تتردد في تنزيل أحكام كل زمن على ما يناسب الحالة التي تعيشها، ليس على مستوى الأمة جمعاء فحسب، بل حتى على مستوى الإصلاح الداخلي؛ كظهور البدع والمخالفين، ونحو ذلك.

وهذا الصراع الذي تعيشه الأمة المسلمة اليوم مع المخالفين؛ بحاجة إلى من يُرَشِّده، فقد تشعَّبت السبل، وضعُف العلم، وادْلَهَمَّ الخَطْب، والْمَخْرَج في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، وقوله سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:153]، وقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].

وهذا الحبل والسبيل تَمَثَّله المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في سيرته العملية، في العهدين المكيّ والمدنيّ، فهو واضح لا غموض فيه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير