ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ
ـ[محمد المصري]ــــــــ[26 Oct 2007, 08:12 م]ـ
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ
إعداد/محمد المصري.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم وبعد:-
فيدور مبحثنا حول تعريف معني الشريعة،وتصحيح التصور في عرضها، وكذلك توضيح وضع الشريعة في ظل القوانين العلمانية،وذلك حتى لا تصبح كثير من قضايانا العقدية مجرد كلام أو شعارات لا يعرف المرددون له معناه ولا مقتضاه العملي، وبالله أسال التوفيق والسداد.
*أولاً:-جولة مع المصطلحات:-
1 - الشريعة
*المعني اللغوي:-
-قال تعاليٍ [ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ] الجاثية: 18] يقول القرطبي رحمه اللهفى قوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} الشريعة في اللغة: المذهب والملة ويقال لمشرعة الماء وهي مورد الشاربة: شريعة ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد) (1).
*المعني الاصطلاحي:-
الشريعة: ما شرع الله لعباده من الدين والجمع الشرائع والشرائع في الدين: المذاهب التي شرعها الله لخلقه).
قال ابن عباس:-"علي شريعة"أي على هدي من الأمر.
وقال قتادة: الشريعة الأمر والنهي والحدود والفرائض.
وقال مقاتل: البينة لأنها طريق إلى الحق.
وقال الكلبي: السنة لأنه يسن بطريقة من قبله من الأنبياء وقال ابن زيد: الدين لأنه طريق النجاة. (2).
2 - الحكم
*الحكم في اللغة:-
- هو المنع ومنه قيل للقضاء حكم لأنه يمنع من غير المقضي.
نقول حكمه كنصره وأحكمه كأكرمه،وحكّمه بالتضعيف بمعني منعه،
ومنه قول جرير:-
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضب.
أبني حنيفة إنني إن أهجكم أدع اليمامة لا تواري أرنباً.
ومن الحكم بمعني المنع (حكمة اللجام):-وهى ما أحاط بحنكي الدابة لأنها تمنعها من الجري الشديد، والحكمة أيضاً حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس تمنعه من مخالفة راكبه.
*الحكم في الاصطلاح:-
هو (إثبات أمرٍ لأمر أو نفيه عنه)،أو (إسناد أمرٍ إلى آخر إيجابا أو سلباً نحو زيد قائم وعمرو ليس بقائم).
وينقسم الحكم بدليل الاستقراء إلى ثلاثة أقسام:-
1 - حكم عقلي:-وهو ما يعرف فيه (العقل) النسبة إيجاباً أو سلباً، نحو الكل أكبر من الجزء.
2 - حكم عادي:- وهو ما عرفت النسبة فيه بالعادة.
3 - حكم شرعي:-وهو المقصود، وحَدّه جماعة من أهل الأصول بأنه:-
[خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث أنه مكلف به].
فخرج بقوله (خطاب الله) خطاب غيره، لأنه لاحكم شرعياً إلا لله وحده عز وجل،فكل تشريع من غيره باطل، قال تعالي (إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ) الأنعام 57)،وقال تعالي (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) الشوري10)
وقال تعالي (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) النساء59).
وأعلم أن الحكم الشرعي قسمان:-
أ- الخطاب التكليفي:-وهو خمسة أقسام (الواجب-المندوب-الحرام-المكروه-المباح)
ب-خطاب الوضع:-وهو أربعة أقسام (العلل-الأسباب-الشروط-الموانع) وأدخل بعضهم فيه الصحة والفساد من خطاب التكليف) (3).
*الحاكمية
مصدر صناعي على غير قياس،لأن المصدر الصناعي لا يصاغ إلا من اسم جامد كالوطن والوطنية، وكلمة حاكم مشتق لأنها اسم فاعل (4).
*تصحيح التصور في بيان مفهوم الحكم بما أنزل الله.
-1 مع الجهل بحقيق الإسلام والبعد عنه، ومع جهود المحادين لله ورسوله للصّد عن سبيل الله، أخذت عدّة مفاهيم شرعية تتغير وتتبدل في تصورات الناس وتنحرف عن معناها الأصلي، ومن تلك المفاهيم التي أصابها الضمور وعدم وضوح التصور الصحيح لها (قضية تحكيم الشريعة) أو ما يطلق مفهوم (الحكم بما أنزل الله)،فقد انحصر مفهوم الحكم بما أنزل الله على شموله واتساعه في بعض أجزائه، فبعضهم يحصره في التشريعات والأحكام المتعلقة بالأسرة من زواج وطلاق وحضانة وغير ذلك، بل إن البعض إذا ذُكر أمامه لفظ الحكم بما أنزل الله فلا يكاد يفهم منه غير قطع يد السارق أو رجم الزاني، ويتصور أن هذا هو المراد بالحكم بما أنزل الله،
¥