تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الوحدة الموضوعية في سورة الكهف]

ـ[طارق حميدة]ــــــــ[13 Jul 2007, 03:11 م]ـ

[الوحدة الموضوعية في سورة الكهف]

طارق مصطفى حميدة

مركز نون للدراسات القرآنية/ فلسطين

تحدث كثيرون عن الوحدة الموضوعية في سور القرآن الكريم بعامة، ونال سورة الكهف حظ وافر من الاهتمام فيما كتبه صاحب الظلال والندوي والدكتور مصطفى مسلم، وعبد الحميد طهماز، وربما غيرهم أيضاً، ويرى كاتب هذه السطور أن المساهمات السابقة، على ريادتها وقيمتها الكبيرة، فإنها قد تتبعت بعض المحاور البارزة في السورة ولم تتحدث عن المحور الرئيس الذي تتفرع منه سائر المحاور.

إنه ولأجل التوصل إلى المحور الرئيس تحسن الإفادة من:

1) اسم السورة.

2) مطلع السورة وخاتمتها.

3) ما ورد في السنة بشأنها.

4) السورة السابقة والسورة اللاحقة لها.

أولاً: اسم السورة:

أخذت السورة اسمها من قصة الكهف، وهي تتحدث عن فتية من دعاة التوحيد يأمرهم الله تعالى أن يأووا إلى كهف، هرباً من قومهم الذين يحاربون التوحيد ولا يقبلون من الفتية إلا العودة في ملتهم أو يرجمونهم حتى الموت، ويضرب الله على آذانهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا، ثم يبعثهم ويُعثر عليهم، وتنتهي القصة بأن يقرر الذين غلبوا على أمرهم أن يتخذوا عليهم مسجدا.

في بداية القصة موحدون مطاردون، وفي خلالها حفظ لهؤلاء وحماية من كل ما من شأنه أن يؤثر فيهم؛ من الإنس والسباع والحشرات، ومن عدم الأكل والشرب، ومن الشمس التي تزاور عنهم إذا طلعت وتقرضهم إذا غربت، ومن الأرض أن تأكل أجسادهم، فيقلبهم الله ذات اليمين وذات الشمال، وصورة كلبهم باسطاً ذراعيه بوصيد الكهف، تعزز إيحاءات وظلال الحراسة والحماية، ثم يكون انتصار الإيمان بالرغم من غياب الفتية المؤمنين بدليل بناء المسجد من قبل الفئة الغالبة.

الكهف: كانت وظيفته حماية الفتية، وقد انتهت القصة فإذا الدين الذي كان مهدداً مطارداً قد عادت الغلبة لأهله الذين يقررون اتخاذ "مسجد" على الكهف وأصحابه، وبالتالي فقد أظهرت القصة حفظ المؤمنين وحفظ الدين، بالرغم من غياب المؤمنين.

ثانياً: المطلع والختام:

بدأت سورة الكهف بقوله تعالى: ? الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً?.

وختام السورة: ? قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله أبداً، قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك به أحداً?.

في أول السورة أن الله تعالى لم يجعل لكتابه عوجا بل هو قيم، وربما وقع كثير من المفسرين في خطأ القول أن الآيتين تؤكدان أن الكتاب مستقيم غير أعوج، لكن النص الكريم لم يقل: (ولم يجعل فيه عوجاً)، بل قال: ? ولم يجعل له عوجا ? أي ليس فيه قابلية للحرف والاعوجاج، كما ذكر في نظم الدرر، وهذا شبه قوله تعالى: ? إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ?، والتعبير ب:" لم يجعل" إشارة إلى أن الأصل في كلمات الله تعالى وكتبه أنها غير قابلة للاعوجاج والتحريف، لكنه سبحانه، لحكمة منه، أذن بأن تعبث أيدي البشر بالكتب السابقة التي استحفظها الربانيين والأحبار، فيما تعهد جل شأنه بحفظ القرآن، ومعنى أن الكتاب قيّم أي مهيمن على ما سواه كاشف تحريفها، ومؤيد لما بقي من الحق فيها.

وفي آخر السورة تأكيد لما جاء في مطلعها: ? قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله أبداً?، ويشبهه ما جاء في الحديث القدسي: (وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء) ()، وقوله عليه السلام في ختام الكلمات التي علّمها ابن عباس رضي الله عنهما: (رفعت الأقلام وجفت الصحف) ()، فضلاً عما تفيده الآية من لانهائية المعاني المستخرجة من كلمات الله تعالى على امتداد الزمان والمكان، ويتأكد معنى حفظ كلمات الله خلال السورة الكريمة في قوله تعالى: ? لا مبدل لكلماته ? [الكهف: 27].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير