التراث الإسلامي"ذاته بدلاً من الوقوف في وجه الإسلام،فبدلاً من وقوفهم في وجه الإسلام فإنه بإمكانهم الإعلان أنهم وجدوا طريق الخلاص في الإسلام ثم من خلال تلك "الأرضية النفسية"التي تجعلهم قريبين الصلة من" الوجدان الشعبي المسلم"ليّمكنهم ذلك من طرح "الفكرة العلمانية" بجميع أشكالها وصورها من اشتراكية أو قومية أو ليبرالية ... كل ذلك يتم في ثوب إسلامي فضفاض يخدع الجميع فتصبح هناك "اشتراكية الإسلام" ... "وقومية الإسلام" ... "والحرية في الإسلام"إلي آخره من تلك الشعارات التي تستغل في محاربة الدين.
-ولقد وضع المستشرقون الثلاثة تخطيطاً شبه متكامل، دعوا فيه الماركسيين العرب والقوميين العرب إلي التزامه، والسير علي هديه وهذا المخطط الخطير اعتمد علي ثلاثة ركائز وهي:-
1 - الدعوة إلي إعادة قراءة أو كتابة التاريخ الإسلامي علي أساس أنه هناك ثمّة اتجاهات حركية فيه قد ظلمت عمداً من "مؤرخي السلاطين".
2 - إرباك العقل المسلم الحديث من خلال طرح العديد من الدراسات والأبحاث المتعلقة بالتراث والتي تعمد إلي إحياء وتمجيد الاتجاهات الفكرية والحركية المنحرفة بل والخارجة عن الإسلام وعرضها في إطار ثوري جذاب،وجعها بمثابة الجذور الفكرية للنظريات والمذهبيات الأجنبية الحديثة كالماركسية وغيرها،ومن هنا تكتسب منطقاتهم الفكرية المتغربة مشروعية الانتماء إلي التراث.
3 - طرح عدد من الشعارات والمصطلحات الجديدة والتي يمكن لها أن تشكل جسوراً فكرية ونفسية تصل بين الإسلام وبين القومية أو الاشتراكية وتجهد العقل المسلم الحديث في تتبعها وضبطها وتحديد مشروعيتها مما يضيف إرباكا جديداً يشتت جهد الانطلاقة القوية نحو الإسلام (4).
4 - الدعوة إلي الاجتهاد والتجديد:-ويريدون بذلك الوصول بالاجتهاد كما يزعمون إلي الاجتهاد في ثوابت الدين المجمع عليها ومجاوزة الأحكام الشرعية والفقهية التي قررها العلماء والفقهاء علي مدي أربعة عشر قرناً والرجوع إلي القرآن والسنة بشكل مجرد ورفض أي وصاية عليهم كما يزعمون وعدم اعترافهم بكثير من شروط الاجتهاد التي وضعها السلف الصالح رضوان الله عليهم. (5)
5 - الإدعاء بأن المهم هو أساس الإسلام ورسالته المهمة في إصلاح النفوس وتزكيتها وتهذيب الأخلاق وأن هذا هو أهم من تطبيق الشريعة وإقامة الحدود والجهاد وغير ذلك من الموضوعات التي تؤذي الحس العلماني المرهف!! الذي يرضي بنقل الشرائع الغربية والقوانين الوضعية التطبيقية ونقل الفنون والانحرافات الخلقية ولا يهتم إلا قليلاً بنقل العلم المادي الذي تتفوق فيه الدول الغربية في الجولة الحالية.
6 - دعوي الحرص علي الوحدة وعدم التفرق:-تلك الدعوة القديمة المتجددة لدي العلمانيين فهم يزعمون هذا الشعار في كل مكان ويرفضون التمسك بالدين وخاصة في حكم المجتمع لأنه في حد زعمهم يوجج النزعة الطائفية ونسوا أو تناسوا فترة الحكم الإسلامي طيلة أربعة عشر قرناً، وما ساد فيها من عدل وأمان طوال هذه الفترة.
7 - القول بتغير الفتوي بتغير الزمان والمكان:-يكثر العلمانيون ترديد هذه القاعدة والإكثار من النقولات السلفية حولها وهي قاعدة صحيحة لا غبار عليها،وقد بحثها علماء الإسلام بحثاً دقيقاً وأصلوّها تأصيلاً شرعياً، ولم تحتاج الأمة إلي العلمانيين كي يذكرونا بها ... ولكن هناك فرق بين من يناقش وهو معظم لنصوص الشريعة .. ومن يناقش لكي يسقط بعض أحكام الشريعة،ولذا لم يذكر العلمانيون أن الفتاوي التي تتغيير بتغير الزمان والمكان إنما هي في أحكام المعاملات،أما العبادات وأحكام الأسرة والمواريث فهي ثابتة لا تتغيير،ونص هذه القاعدة عام في ظاهره،فالتغير في الظاهر شامل للأحكام النصية وغيرها،ولكن هذا العموم ليس مقصوداً لأنه اتفقت كلمة الفقهاء علي أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس إنما هي الأحكام الاجتهادية فقط المبنية علي المصلحة أو علي القياس أو علي العرف أو علي العادة وعلي ذلك،فالأحكام النصية ثابتة لا تقبل التغيير ولا تدخل تحت هذه القاعدة،وقد رأي بعضهم أن يكون نص هذه القاعدة هو"لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الزمان "دفعاً لهذا اللبس وهذا قيد حسن (6).
ثبت المراجع:-
(1) د. عمر المديفر "طرح الطرح العلماني".
(2) د. عمر المديفر "طرح الطرح العلماني". (هذا إذا كان الشعب واعي ويعرف قضاياه الشرعية وله موقف رافض وهذا الآن يندر نسأل الله أن يهيئ أمر رشد يفئ له الناس).
(3) الشيخ رفاعي سرور "حكمة الدعوة"ص86 - 87طبعة دار الحرمين.
(4) جمال سلطان "تجديد الفكر الديني بين الصحوة الإسلامية والعمانية"بتصرف.
(5) انظر ملف التجديد في الإسلام من موقع نور الحق www.nouralhaq.net .
(6) الوجيز في إيضاح القواعد الفقية الكلية د. محمد بن صادق البورنوص254 نقلاً عن "طرق الطرح العلماني "لعمر المديفر.