هو لين إسناده لضعف بعض الرواة. وهذا مما احتج من قال بأن الدم لا ينقض الوضوء لأن الحجامة يخرج معها دم فدل ذلك على أنه لا ينقض الوضوء وإن كان السند في لين وضعف لكن يعتمد الأصل، لأن الأصل سلامة الطهارة وبقاؤها فلا تزول إلا بالناقض المتيقن هذا هو الأصل.
تقدم حديث عائشة رضي الله عنها (من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف وليتوضأ) احتج به على نقض الرعاف وهو خروج الدم وجاء في أحاديث كلها ضعيفة لا تخلو من مقال والصواب أن خروج الدم لا ينقض الوضوء ولكن إذا احتاط الإنسان وتوضأ خروجا من الخلاف فلا بأس. أما الصواب فإنه لا ينقض الوضوء لعدم الدليل الدال على أنه ينقض الوضوء.
وإنما الذي ينقض الوضوء هو ما قام عليه الدليل كالبول والغائط والريح والمني والمذي ونحو ذلك مما هو معلوم كذلك لحم الإبل كما تقدم ومس الذكر كما تقدم.
أما ما لم يقم عليه دليل واضح فالأصل سلامة الوضوء سلامة الطهارة حتى يوجد ناقض متيقن يزيل ذلك الأصل المعروف وهو سلامة الطهارة.
أما ما يتعلق بالنوم فقد تقدم حديث أنس في النعاس ,انه لا ينقض الوضوء وتقدم حديث صفوان بن عسال في النوم وأنه ينقض الوضوء قال (لكن من غائط أو بول أو نوم) فدل على أن النوم ناقض كالبول والغائط.
ولكن دلنا حديث معاوية هذا عن النبي ? صلى الله عيه وسلم (العين وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء) رواه أحمد والطبراني. وزاد (ومن نام فليتوضأ).
وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود مرفوعا دون قوله (استطلق الوكاء) وفي كلا الإسنادين ضعيف
وصدق رحمه الله كلاهما فيه ضعف لكن يشد أحدهما الآخر ويدل حديث معاوية وحديث علي رضي الله عنهما على أن النوم مظنة وليس ناقضا بنفسه.
فالعين وكاء السه إذا كانت العين متيقظة الإنسان متيقظ تحقق وعرف ما يخرج منه وإذا نام ما درى استطلق الوكاء فهي بمثابة السقاء الذي له وكاء يربط ما فيه من ماء أو لبن ونحو ذلك.
وإذا ترك السقاء هكذا مفتوحا سال ماء ما فيه إذا كان ملأى.
وهكذا الإنسان إذا نام استطلقت أعصابه وعروقه ولانت أمعاؤه وصار معرضا لخروج الريح وهو لا يشعر فجعل الله النوم مظنة لذلك إذا نام نوما مستحكما مستغرقا يزول معه الشعور وجب الوضوء وعليه حديث صفوان، وأما النوم الذي لا يزول معه الشعور بل هو نعاس وخفقان وليس بمستغرق فهذا لا ينقض الوضوء وعليه حديث أنس المتقدم بأن أصحاب رسول الله صلى الله عيه وسلم ? كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم المراد به النعاس هذا النعاس لا ينقض الوضوء سواء كان قاعدا أ, ساجدا أو قائما أو مضطجعا على الصحيح.
وحديث ابن عباس (إنما الوضوء على من نام مضطجعا) ضعيف أيضا لأنه من رواية أبي خالد الداراني عن قتادة عن أبي العالية وأبو خالد عندهم مضعف، و قتادة مدلس ولم يصرح بالسماع عن أبي العالية.
والحاصل أن هذه الأحاديث كلها فيها ضعف لكن مجموعة عن معاوية وعن ابن عباس مع حديث علي مع الحديث السابق حديث أنس الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح كلها يشد بعضها بعضا.
وهو يدل على أن النوم مظنة فإذا استغرق النائم وزال شعوره قاعدا أو قائما انتقض وضوءه ووجب عليه إعادة الوضوء وما دام معه بعض الشعور وليس مستحكما النوم فإنه يبقى معه الوضوء يبقى معه الأصل وهو الطهارة
فالمسألة فيها أقوال هذا أحسنها وأصوبها وبه تجتمع الأخبار ......
...
الحديث التاسع والثمانون: وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عيه وسلم ? قال: (يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) أخرجه البزار
الحديث التسعون: وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد. (بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه)
الحديث الواحد والتسعون: ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه (كما تقدم في أول الباب)
الحديث الثاني والتسعون: وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعا
(إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: أنك أحدثت فليقل: كذبت) وأخرجه ابن حبان بلفظ (فليقل في نفسه).
ش / هذه الروايات تدل على حرص الشيطان لعنه الله على إفساد طهارة الإنسان وعلى التشويش عليه وعلى إيذائه في صلواته حتى تبقى معه الوسواس، والشيطان عدو مبين
¥