وهو دليل على أن النساء يرين كما يرى الرجال يحتلمن كما يحتلم الرجال. والظاهر أنه فيهن أقل حسب ما يعرف عنهن في الواقع.
وقوله (فيم يكون الشبه) يدل على أن الله جل وعلا خلق الولد من الماءين فأيهما غلب وعلا صار الشبه له. قد يغلب ماؤها فيكون الشبه لها ولأقاربها وقد يغلب ماء الرجل ويعلو فيكون الشبه له.
وقد جاء في الحديث إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة كان الشبه له وإذا سبق ماؤها ماء الرجل كان الشبه لها ولأقاربها).
وإذا علا ماؤه أذْكَر بإذن الله وإذا علا ماؤها أنث بإذن الله.
فالمقصود أن المياه هذه تختلط وتجتمع كما قال الله جل وعلا (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) أي أخلاط. فيجتمع ماؤه وماؤها ويكون الشبه بإذن الله لأحدهما كما بين ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام.
والمراد مخلوق من ماءيهما جميعا والآية دلت على أن لها ماءا كما أن له ماء وإذا رأى الماء أي المني ولم يذكر احتلاما وجب الغسل أيضا وكذلك المرأة. كما تقدم (الماء من الماء) (إذا رأت الماء).
...
الحديث العشرون بعد المائة: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت) رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة.
ش / وإسناده لا بأس به على شرط مسلم.
وفي رواية أحمد رحمه الله يُغتسل من أربع …) خبر بمعنى الأمر الجنابة والجمعة وغسل الميت والحجامة). ولينه بعضهم بمصعب بن شيبة ولكنه لا بأس به وثقه جماعة واعتمده مسلم رحمه الله في صحيحه.
وهو دليل على شرعية الغسل من الجنابة وهو محل إجماع من أهل العلم على وجوب الغسل من الجنابة ليس فيه خلاف بين أهل العلم.
تقدم البحث فيما إذا أكسل ولم يمنِ إذا جامع وتقدم الكلام وأن عليه جمهور أهل العلم أنه يجب الغسل وأن الرخصة السابقة نسخت التي فيها الإكتفاء بالوضوء عند الإكسال.
دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة وما جاء في معناه أن هذا الشيء نسخ وإن الغسل يكون بمجرد الجماع ومس الختان الختان كما تقدم.
ويروى عن الظاهرية الأخذ بالقول الأول وهوعدم الغسل إلا من الماء أي المني. ولكن الذي عليه جمهور أهل العلم خلاف ذلك وإن الرخصة هذه قد ذهبت ونسخت وأنه استقر الإجماع على وجوب الغسل.
أما يوم الجمعة فهو سنة مؤكدة كما يأتي في حديث أبي سعيد عن النبي? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال:
(غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم).
وقال بعض أهل العلم أنه واجب لاطلاق حديث أبي سعيد المتقدم المشار إليه.
وقال آخرون بالتفصيل إن كان الشخص من أهل الحرف التي ينشأ عنها الروائح الكريهة وجب عليه الغسل وإن لم يكن كذلك لم يجب واحتجوا بما جاء في بعض الأحاديث أن الصحابة كانوا أهل أعمال.
وكانوا إذا جاءوا الجمعة تكون لهم روائح فأمرهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? بالغسل قالوا وهذا يدل على أنه يجب لمن كان عاملا وترتب على ترك الغسل روائح قد تؤذي جيرانه.
هذه أقوال ثلاثة ساقها ابن القيم وغيره رحمهم الله
والأظهر والأقرب أن الغسل متأكد وليس بفريضة لأنه جاءت أحاديث تدل على عدم وجوبه.
أما حديث أبي سعيد الذي فيه قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? (غسل الجمعة واجب على كل محتلم).
هذا محمول على التأكد. العرب تقول حقك علي واجب يعني متأكد وليس معناه الفريضة التي يأثم من تركها.
قالوا ويؤيد ذلك ما في نفس الحديث قال وأن يستاك وأن يتطيب) وقد أجمع أهل العلم على أن السواك مستحب والطيب كذلك. فدل على أن الغسل متأكد وليس بواجب كالسواك والطيب.
قالوا ويدل على ذلك حديث سمرة عن النبي ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)
أتى بالرخصة أو بالسنة (ومن اغتسل فالغسل أفضل) هذا يدل على أن الغسل ليس بواجب ولكنه أفضل وحديث سمرة فيه كلام لأهل العلم لأن جماعة من أهل العلم قالوا إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة وقالوا آخرون إنه سمع منه مطلقا.
والقول بأنه سمع منه يكون قويا لأن سمرة مقيم بالبصرة ومات سنة 58هـ أو 59هـ
¥