والحسن مقيم بالبصرة فيبعد جدا ألا يلقاه وأن لا يأخذ عنه إلا حديث العقيقة وهو يقيم عنده. وشأن التابعين الحرص على الأخذ عن الصحابة وكتابة أحاديثهم وضبطها هذا أمر معلوم. هذا مما يؤيد قول من قال أنه سمع منه مطلقا.
وبكل حال فهو حديث مؤيد للأحاديث الدالة على عدم وجوب الغسل.
وجاء في هذا المعنى عدة أحاديث تدل على تأكد الغسل حديث عمر (من جاء يوم الجمعة فليغتسل).
وهو دليل على تأكد الغسل وينبغي للمؤمن أن لا يدعه لأمرين:
الأمر الأول: أن النبي ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر بذلك وحث عليه.
الأمر الثاني: خروجا من خلاف من قال بالوجوب فينبغي للمؤمن أن يعتاد ذلك وأن يحرص عليه وأن لا يدع الغسل يوم الجمعة. لما فيه من الفائدة الكبيرة والنشاط والنظافة وقطع الروائح الكريهة وفعل السنة والخروج من خلاف من قال بوجوبه.
ثم يؤيد ذلك ما رواه مسلم في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? قال: (من توضأ فأحسن الطهور ثم أتى الجمعة وصلى ما قدرله وأنصت غفر له ما بينه والجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام)
فذكر الوضوء فقط ولم يذكر الغسل. فدل على أن هذا هو الواجب وأما الغسل فهو متأكد ومستحب ومكمل.
* أما غسل الحجامة: فهو سنة وهكذا من غسل الميت وليس بواجب.
والحجامة شرع الله الغسل لها لأن الحجامة تضعف بإخراج الدم فيصيبه شيء من الضعف. لأن الدم فيه قوة الإنسان فإذا احتجم يحصل له شىء من الضعف فيجبر بالغسل.
فإن الغسل ينشط البدن ويقويه ويحصل بذلك إنجبار لما حصل من الضعف.
وهكذا قيل في حكمة الغسل من الحيض والنفاس قال أهل العلم أن الحيض والنفاس يحصل بهما ضعف لخروج الدماء فشرع الله الغسل بعدهما نظافة وجبرا.
نظافة من النجاسة وجبرا لما يحصل للبدن من الضعف عند خروج الدم وهكذا الجنب إذا أجنب وخرج الماء يحصل له بعض الضعف فشرع الله له الغسل من الجنابة ليستعيد قوته ونشاطه الذي كان سابقا, وربك حكيم جل وعلا.
* وأما غسل الميت: فدل على شرعيته هذا الحديث فيستحب لمن غسل الميت أن يغتسل. وفي حديث أبي هريرة (من غسل فليغتسل) وسبق الكلام عليه وأن فيه ضعفا كما قال بعض أهل العلم لا يصح فيه شيء ولكنه يؤكد هذا المعنى.
إذا جاءحديث ضعيف مع حديث أقوى منه صار مؤكدا له كذلك ما ثبت في قصة أسماء بنت عميس لما توفي الصديق رضي الله عنه وقد أوصى بأن تغسله فغسلته وكان يوما باردا فاستشارت من حضرها من الصحابة هل يلزمها الغسل فقالوا: لا فدل ذلك على أنه شيء مستقر عندهم 0 ان الغسل ممن غسل الميت أمر مستقر معروف عندهم.
فالصواب أنه سنة ومشروع لمن غسل الميت لما في ذلك من جبره وتنشيطه فإن رؤية الميت وتقليبه قد يكسر الإنسان ويضعفه فيحصل له شىء من التحطم من مشاهدة الميت وتقليبه ففي غسله بعد ذلك جبر وتنشيط له وإعادة لقوته التي قد حصل لها ضعف برؤية الموت وتقليب الميت وما يحصل للإنسان من الضعف عند ذلك وذكر الآخرة وضعف البدن والقوة فيكون في هذا جبر وقوة ونشاط بعد ذلك الانكسار.
...
الحديث الواحد والعشرون بعد المائة: وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم وأمره النبي ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يغتسل. رواه عبد الرزاق وأصله متفق عليه.
هذا الحديث يدل على مشروعية الغسل عند الدخول في الإسلام لكن المحفوظ في قصة ثمامة هو أنه هو الذي اغتسل من دون أمر هكذا في الصحيحين فإن ثمامة بن أثال سيد من سادات بني حنيفة ومن كبارهم رضي الله عنه فجاءته خيل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? وهو متوجه إلى العمرة فأخذوه وأسروه وأتوا به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? فربطه في سارية من سواري المسجد ليرى الناس ويشاهد الناس وكان يمر عليه، عليه الصلاة والسلام ويقول له ما عندك يا ثمامة فيقول: إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم. لأن دمه له شأن لأنه كبير من كبراء بني حنيفة، وإن ترد المال تعط منه ما شئت أي إن ترد الفداء فتركه النبي ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يومين يقول له هذا الكلام ويرد عليه هذا الرد، وفي اليوم الثالث قال له هذا ا لكلام ما عندك يا ثمامة قال إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد المال تعطه
¥