-والثانية: عند العجزوالحرج من استعماله ,لحديث عمرو بن العاص عند أبي داود و غيره في ضحك النبي صلى الله عليه و سلم عندما قال له:"احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد, فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ,فتيممت ثم صليت ... "الحديث ,وهو صحيح.
وهذا المتقدم عليه جمهور أهل العلم ,وهو الحق ,لا فرق بين مسافر و غيره.
-وأما أن التيمم يصلى به كالوضوء تماما كما هو مذهب أبي حنيفة ,فلأنه بدل منه , ولا دليل على حصر هذا البدل في وقت واحد ,بل هو طهارة كاملة بشروطها.
-ثم نبهت إلى النية, للحديث المتقدم:"إنما الأعمال بالنيات".
-وأشرت إلى أن نواقض التيمم هي نواقض الوضوء ,لأنه بدل منه ,وهذا إجماع ,إضافة إلى وجود الماء مع الاستطاعة لاستعماله, لزوال سبب التيمم. وهذا مذهب الجمهور.
-ثم ختمت الأبيات ببيت يقرر حكما فقهيا, وهو وجوب الصلاة لمن فقد الماء وفقد التيمم أيضا, فهو يصلي على حسب استطاعته ,للحديث الصحيح في "صحيح مسلم" عن عائشة:"أنها استعارت من أسماء قلادة ,فهلكت, فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها ,فأدركتهم الصلاة ,فصلوا بغير وضوء, فلما أتوا النبي صلى الله عليه و سلم شكوا ذلك إليه ,فنزلت اية التيمم ... "الحديث. فالرسول صلى الله عليه وسلم هنا أقرهم على الصلاة بلا وضوء عند فقده, وهو الطهارة الوحيدة ,ونزول اية التيمم لا ينسخ هذا الحكم ,لأن فيه الصلاة بلا طهارة لمن فقدها.وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد وجمهور أهل الحديث و طائفة, واختلفوا في إعادة الصلاة: فذهب الإمام أحمد إلى عدم الإعادة ,وهو مذهب المزني, وقال النووي في "شرح مسلم":وهو أقوى الأقوال دليلا , ويعضده هذا الحديث و أشباهه, فإنه لم ينقل عن النبي إيجاب إعادة مثل هذه الصلاة".انتهى كلام النووي رحم الله الجميع, وحجتهم ظاهرة أنه لا إعادة. و الحمد لله رب العالمين.
فائدة:الترتيب في التيمم ليس واجبا, فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم البدء بالوجه و البدء بالكفين, وهو مذهب الإمام مالك و بعض المحققين, والشافعي رحمه الله اختار وجوب الترتيب في التيمم للوضوء و للجنابة ,وأما الإمام أحمد رحمه الله , فقال بوجوب الترتيب للتيمم إذا كان للوضوء وعدم وجوبه إذا كان للجنابة ,ومذهب الإمام مالك الأول هو الأصح و المنصور بالدليل, فتنبه.
باب في أحكام الحيض و الاستحاضة والنفاس
وتحكمت في الحيض عادات النسا**إذ لا دليل معين لزمان
دمه السواد مميز إذ غيره**هي الاستحاضة عند ذي عرفان
والمستحاضة للصلاة توضأت**مع كل وقت دونما روغان
إن الصلاة مع الصيام لحائض**ثم الجماع محرم الإتيان
إلا إذا اغتسلت بعيد طهارة**والصوم تقضيه هدى الديان
حكم النساء كحكم حيض إنما**لأقله حد بلحظ ثواني
مع أربعين لحد أكثره أتت**ودليله يعلوا على البطلان
وعلى المجامع حائضا كفارة**نصف من الدينار أو نصفان
ويحل منها للمباشر كلها**إلا النكاح ودبرها كفران
-ذكرت أولا أن تحديد الزمن للحيض و الطهر ممن حدده لا دليل عليه, وإنما رجع للعادة و التجربة, فلا اية و لا حديث مسند بهذا ,ولذلك كان الحق ما ذهب إليه بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية و غيره:أن كل امرأة لها عادتها التي اعتادت عليها ,كما نصت أحاديث يفهم منها هذا:
كحديث أم سلمة:أنها استفتت النبي في امرأة تهراق الدم؟ فقال:"لتنظر قدر الليالي و الأيام التي كانت تحيضهن, وقدرهن من الشهر, فتدع الصلاة",وهو صحيح عند أبي داود و النسائي وغيره.فهنا اعتبر النص العادة.
ثم جاء الحديث بوصف دم الحيض بقوله صلى الله عليه و سلم:"إن كان كم الحيض, فإنه أسود يعرف"أخرجه أبوداود و غيره عن فاطمة بنت أبي حبيش, وهو صحيح.
فإما أن تكون معتادة, فعادتها المعتبرة, وإما غير ذلك, فوصف الدم بالسواد هو المميز له عن غيره, إذ غيره هو الاستحاضة.
وحكمها هو الوضوء لكل صلاة بعد الاغتسال من مدة الحيض ,للحديث الصحيح بقوله صلى الله عليه و سلم للمستحاضة:"وتوضئي لكل صلاة",عن فاطمة بنت أبي حبيش ,أخرجه الترمذي, وهو صحيح. وبهذا يقول الإمام الشافعي وأحمد و جماعة.
-ثم ذكرت تحريم الصلاة و الصيام و الجماع على الحائض ,وهذا إجماع ظاهر, إلا بعد اغتسالها و طهارتها, فيجوز لها ما تقدم.
-وذكرت حكما مجمعا عليه أيضا, وهو قضاء الصوم و عدم قضاء الصلاة.
¥