وبهذا القول يقول جماعة أهل الحديث وهو رواية عن مالك و غيرهم, يقولون بالاستحباب ,وأما الوجوب, فظاهر الأمر, وقواه بعض المحققين.
-وأما وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, فلحديث أبي مسعود في"صحيح مسلم":أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ,فقال له بشير بن سعد:أمرنا الله أن نصلي عليك؟ ... " (فذكر الحديث).وفيه إقرار من النبي لقول بشير:"إن الله أمرنا".وإلى الوجوب ذهب الشافعي و أحمد و جماعة.
-وأما وجوب التشهد الأول و الثاني, فلحديث ابن مسعود عند الدارقطني والبيهقي بالإسناد الصحيح:"كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ... "الحديث, والمقصود منه قوله:"قبل أن يفرض علينا" وهو صريح و عام في التشهد الأول و الثاني بلا فرق.
وبوجوب الثاني قال الإمام الشافعي وجماعة, وإلى وجوب الأول ذهب الإمام أحمد و طائفة ,وهو الحق.
-وأما الاستعاذة من الأربع التي تضمنها حديث أبي هريرة في "صحيح مسلم" فلقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ,فليتعوذ بالله من أربع:من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات ,ومن شر المسيح الدجال".وبوجوبها قال الظاهرية وطاووس.
-أما وجوب طهارة الثوب والمكان و الأبدان من أية نجاسة عالقة, فلقول الله عزوجل:"وثيابك فطهر",وحديث أبي سعيد الخدري الصحيح في"سنن أبي داود":أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ,فخلع نعليه ,فخلع الناس نعالهم ,فلما انصرف ,قال لهم:"لم خلعتم؟ ".قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا. فقال:"إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا, فإذا جاء أحدكم المسجد ,فليقلب نعليه, ولينظر فيهما ,فإن رأى خبثا ,فليسمح بالأرض ,وليصل فيهما".ففي هذا الحديث بيان الوجوب و نفي الشرطية, لأن تارك الشرط ناسيا تبطل صلاته, والرسول صلى الله عليه و سلم لم يبطل الصلاة ,وإنما خلع النعل واستأنف الصلاة ,ولو كان ناسيا الوضوء ,لترك الصلاة ,لأن الوضوء شرط, وهذا ظاهر. وهو قول في مذهب مالك, ونسبه ابن رشد إلى جماعة لم يذكرهم. والله أعلم.
-بقي وجوب ستر العورة, وفيه أحاديث, منها:حديث معاوية بن حيدة –وإسناده جيد-عند أهل"السنن"قال صلى الله عليه و سلم:"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك".وهذا أمر يفيد الوجوب ,واختاره بعض المحققين كالشوكاني.
وفي الباب أحاديث غايتها وجوب ستر العورة وليس شرطيتها ,كما ذهب قوم ,ولا أنها سنة فقط ,كما ذهب اخرون, والمقام لا يحتمل أكثر من هذا التفصيل ,والله الموفق.
باب في سنن الصلاة
وسوى الذي قدمته سنن أتت**فاعرف لها بالعلم و الإتقان
وأذكر هنا في مجمل سنن الصلاة ,لأن المقصود الاختصار كما قدمته مرارا.
-فأولها دعاء الاستفتاح أو التوجه ,وأشهر ما في الباب صحة حديث أبي هريرة في"الصحيحين":"اللهم! باعد بيني و بين خطاياي كما باعدت بين المشرق و المغرب, اللهم! نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم! اغسلني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم! اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".وفي الباب أحاديث.
-ثم تكبيرات الانتقال, ففي"الصحيحين"عن أبي هريرة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل رفع و خفض",بمعناه. وفي الباب عدة أحاديث.
-ثم قراءة سورة مع الفاتحة ففي "صحيح مسلم"عن عبادة بن الصامت, قال صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا".وفي الباب أحاديث كثيرة مستفيضة.
-ثم رفع اليدين مع كل تكبيرة ,ففي "مسند أحمد" عن وائل الحضرمي:"أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان يرفع يديه مع التكبير ,ويكبر كلما خفض ورفع ,ويسلم عن يمينه ويساره".وإسناده جيد. وفي الباب أيضا أحاديث.
-ثم التسبيح في الركوع والسجود, ففي "صحيح مسلم"وغيره عن حذيفة:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ,وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى".وهو حديث طويل, وهذا الشاهد فيه.وأما الأمر بها فلم يصح.
-ثم الدعاء في السجود ,لما روى مسلم في"صحيحه"عن أبي هريرة ,قال صلى الله عليه و سلم:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ,فأكثروا الدعاء".
-ثم قول: سمع الله لمن حمده ,ربنا ولك الحمد, عند الاعتدال من الركوع ,لحديث أبي هريرة في"الصحيحين":"ثم يقول: سمع الله لمن حمده.حين يرفع صلبه من الركعة ,ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد".
¥