فذهب الشافعي وأحمد ومالك إلى أنها ركوعان في كل ركعة ,لما في"الصحيحين"من حديث عائشة وغيرها ,قالت:"خسفت الشمس في عهد رسول الله ,فبعث مناديا: الصلاة جامعة, فقام ,فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات".هذا هو الثابت من طرق و روايات, وأما ما بقي من الروايات الأخرى التي فيها أقل من ذلك أو أكثر, فأسانيد لا تخلوا من شذوذ أو ضعف, وليس هذا المختصر مجال لبيان ذلك.وقال بذلك ابن عبد البر والبيهقي فيما نقله النووي رحمه الله عنهم ,وتابعهم على ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم أيضا رحمهما الله.
-وأما مشروعية ذكر الله والصدقة والاستغفار و الدعاء ,فلحديث أبي موسى في "الصحيحين" عند الخسوف, قال صلى الله عليه و سلم:"إذا رأيتم شيئا من ذلك, فافزعوا إلى ذكر الله و دعائه و استغفاره".وهناك رواية عن عائشة في"الصحيحين"أيضا:"وتصدقوا".وهذه الأحاديث فيها استحباب هذه الأفعال النبوية عند حصول هذه الاية الإلهية ,ألا وهي الخسوف و الكسوف, وفقنا الله لاتباع مرضاته
باب في صلاة الاستسقاء
وصلاة الاستسقا بقحط سنة**هي ركعتا جهر بغير أذان
قلب الرداء وخطبة ثم الدعا**ولقبلة فاستقبلن بأمان
-أما أنه للاستسقاء صلاة-وهي ركعتان جهريتان بغير أذان-,فعلى ذلك جماهير أهل العلم, للأحاديث في ذلك, ومنها ما ثبت في "الصحيحين" عند عبد الله بن زيد: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي ,فتوجه إلى القبلة يدعوا ,وحول رداءه, وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة".وهذا لفظ البخاري.
-وكل هذه الأفعال, من الجهر بالصلاة ,وعدم الأذان.وتحويل الرداء, والخطبة ,والدعاء ,واستقبال القبلة كلها مشروعة ,لما صح من الحديث المتقدم, وقال بذلك عامة أهل العلم.
إلا أباحنيفة رحمه الله قال بعدم الصلاة للركعتين, وإنما الدعاء و الاستغفار, ولا يخفى أن الأحاديث الصحيحة التي فيها ذكر صلاة الركعتين تؤيد مذهب الجمهور, وتقطع أنه المنصور.
باب في غسل الميت وتكفينه وحمل الجنازة
فقه الجنازة خذه لب خلاصة** نصعت مع التحقيق و التبيان
ابدأ ولقن ذا احتضار كلمة الت**وحيد خير الختم بالاحسان
ولتغمضوا عينيه عند وفاته**ثم الغطا بالثوب للأبدان
ثم اغسلوه وأوتروا في غسله**بالماء مع طيب مع الاشنان
في الغسل سن لنا ابتداء مواضع**لوضوئنا والبدء بالأيمان
غسل النساء لزوجهن مجوز**وكذاك غسل الزوج للنسوان
كفنه في كفن بياض محسن**أو بردة من جائز الاكفان
عدد الثياب ثلاثة لا تسرفوا**لا فضل للانثى على الذكران
كفن لميت محرم في ثوبه**مثل الشهيد وبورك الميتان
حمل الجنائز والصلاة عليهم**حق وان الاجر قيراطان
من يمش يتبع من جميع جوانب**لكن فقط من خلف للركبان
حرم اتباع بالصياح ومجمر**أسرع وقارب سرعة الرملان
نسخ القيام لها بأظهر مسند**صح الدليل لمن له عينان
هذه أحكام الجنائز على الاختصار و الإجمال والكفاية إن شاء الله تعالى:
-فأولها: تلقين المحتضر شهادة التوحيد, للحديث الصحيح عند مسلم عن أبي سعيد, قال صلى الله عليه و سلم:"لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله".
-ثم إغماض عينيه عند موته ,لحديث أم سلمة في "صحيح مسلم":دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة و قد شق بصره فأغمضه ... "الحديث.
-وأما تغطية الميت و تسجيته ,فلما ثبت في"الصحيحين" عن عائشة:"أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سجي حين مات بثوب حبرة".
وهذه كلها سنن مشروعة عند العلماء قاطبة.
-بعد ذلك يغسل وجوبا بالاتفاق, لحديث ابن عباس في "الصحيحين" في قصة المحرم, وقوله صلى اله عليه وسلم:"اغسلوه بماء و سدر",وهو يتضمن غسله بالماء مع سدر أو ما يقوم مقامه كالصابون ,مع تطييبه بالعطر, باستثناء المحرم عن العطر, لنص الحديث السابق.
-وأما استحباب الإيتار بالغسل مع ابتداء مواضع الوضوء و اليمين, فللحديث الصحيح عند البخاري ومسلم عن أم عطية في قصة غسل زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"اغسلنها ثلاثا ,أو خمسا ,أو سبعا ,أو أكثر من ذلك ... ",ثم قال:"ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها". وبهذا قال الشافعي و استحسنه الإمام مالك وجماعة-أعني: الوضوء للميت-,وأما الوتر, فبنص الحديث قال الشافعي رحمه الله تعالى.
-وأما غسل المرأة لزوجها ,فقد نقل الإجماع في ذلك ,نقله ابن رشد ,وهو الأصل ,إذ هو زوجها حيا وميتا.
¥