قال النووي: وأما الذهبي والفضة، فقيل: يثيب الربا فيهما لعينهما لا لعلة، وقال الجمهور: العلة فيهما صلاحية الثمنية الغالية. وإذا جرينا على اصطلاح الشافعية أن العلة النقدين هي الثمنية الغالبة، والآن: النقود الورقية هي الأثمان، فيكون الربا واقعاً فيها. ثم إن الشافعية يجيزون التعليل بالعلة القاصرة أي الثمينة، والأوراق النقدية هي الأثمان الغالبة الآن. وهذا قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة، وكذا في مكة، نسأل الله العافية من الجهل والضلال.
المصدر / مركز أبحاث فقه المعاملات المالية الإسلامية (قسم فقه الزكاة) http://kantakji.org/
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[05 - 05 - 10, 09:39 ص]ـ
وفي موقع " الإسلام سؤال وجواب":
هل يسري الربا في العملات الورقية كما يسري في الذهب والفضة؟
السؤال: قرأت أحد المقالات في جريدة الاقتصادية مفاده أن قياس النقود الورقية على الذهب والفضة غير صحيح، وأن مجموعة من العلماء مع هذا الرأي، وأن الربا فقط في الأصناف الستة كما ورد في الحديث: أرجو التفصيل أو ذكر مرجع في المعاملات الحديثة وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله
الذي يدل عليه النظر الصحيح، وهو الذي عليه عامة العلماء المعاصرين: أن العملات الورقية يجري فيها الربا قياساً على الذهب والفضة.
وذلك لأن الشرع حكم بجريان الربا في الذهب والفضة لأنهما أثمان الأشياء، أي: كانا هما العملة التي يتعامل بها الناس قديماً (الدراهم والدنانير) فكانت قيم الأشياء تقدر بالذهب والفضة، وقد حَلَّت هذه الأوراق النقدية محل الذهب والفضة في التداول، فوجب أن يكون لها حكم الذهب والفضة.
وقد جاء عن بعض الأئمة والعلماء المتقدمين ما يؤيد هذا.
جاء في "المدونة" (3/ 5):
" قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَهَذَا فَاسِدٌ , قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْفُلُوسِ: لَا خَيْرَ فِيهَا نَظِرَةً [أي: مع تأجيل القبض] بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْوَرِقِ , وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَجَازُوا بَيْنَهُمْ الْجُلُودَ حَتَّى تَكُونَ لَهَا سِكَّةٌ وَعَيْنٌ لَكَرِهْتُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نَظِرَةً. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ تِبْرَ ذَهَبٍ بِفُلُوسٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ , وَلَا تَجُوزُ الْفُلُوسُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا بِالدَّنَانِيرِ نَظِرَةً " انتهى.
ومعنى هذا: أن الإمام مالك رحمه الله يرى أن الفلوس يجري فيها الربا كالذهب والفضة، لأن الناس صاروا يتعاملون بها وصارت نقداً، بل يرى أن الناس لو تعارفوا على جعل الجلود نقوداً يتعاملون بها لكان لها حكم الذهب والفضة، وهذا يشبه الأوراق النقدية الآن، فصار النقد من ورق، والذي افترضه الإمام مالك أنه يكون من جلود.
فسبحان من وفق الإمام إلى هذا المثال!
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ هُوَ الثمنية؛ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا الْوَزْنُ ...
وَالتَّعْلِيلُ بالثمنية تَعْلِيلٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِلْأَمْوَالِ يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِعَيْنِهَا. فَمَتَى بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَى أَجَلٍ قُصِدَ بِهَا التِّجَارَةُ الَّتِي تُنَاقِضُ مَقْصُودَ الثمنية " انتهى بتصرف يسير.
"مجموع الفتاوى" (29/ 471 - 472).
وقال ابن القيم:
" وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين. وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ومذهب أبي حنيفة. وطائفة قالت: العلة فيهما الثمنية. وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى، وهذا هو الصحيح، بل الصواب " انتهى.
"إعلام الموقعين" (2/ 156).
¥