تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"لا يوجد في مصطلحات الحديث مصطلح شغل المتأخرين في تحديد مدلوله وضبطه مثل الحسن" ومما لا شك فيه أن هذه الغموض الذي يحوم على الحديث الحسن يعتري الحديث الضعيف عند من عرفه بالتعريف السابق وربما كان هذا الاختلاف في تعريف الحديث الحسن وراء القول بعدم حجيته

مسألة الاحتجاج بالحسن

قال الحافظ السيوطي:

"ذهب كل الفقهاء وأكثر العلماء إلى أن الحسن كالصحيح في الاحتجاج وإن كان دونه في القوة

وشذ بعض أهل الحديث فرده روى عن ابن أبي حاتم أنه قال: سألت أبي عن حديث فقال: إسناده حسن فقلت: بحتج به؟ فقال: لا "

وقال ابن الوزير:

"فذهب البخاري إلى أن الحديث الحسن لا يعمل به في التحليل والتحريم واختاره القاضي أبو بكر بن العربي في عارضته والجمهور على خلافهما "

قلت: ما نقله ابن الوزير عن البخاري لم أقف عليه فلا أظنه ثابتا عنه والله اعلم، وأما ما نقله عن الترمذي فالذي في العارضة باب ما جاء في وصف صلاة النبي-كما أحل عليه بعضهم- لا يعطي هذا المعنى حيث جاء فيه:"قال القاضي أبو بكر بن العرببي رضي الله عنه: أحسن أبو عيسى في اختياره تضعيفه وأنه لرتبة في هذا الحديث محسنة هكذا فلا معول عليه، والله اعلم ".

ثم أردفه بكلام غير مفهوم بالمرة ومهما يكن من أمر فالظاهر أن كلام الإمام حول حديث ضعيف عنده لا عن حديث حسن كما يدل عليه سابق الكلام، والله اعلم

و على تسليم ثبوت القول بعدم حجية الحديث الحسن عن واحد منهم فهو خلاف قديم انقضى واستقر الإجماع بعده على حجيته

والخلاصة:

لا شك أن وضع حد تام حقيقي للحديث الضعيف عند المتأخرين أمر صعب وهذا لأنه متوقف على معرفة الحديث الصحيح والحديث الحسن و كل الحدود المذكورة لهما لا تخلو من نظر، أي لا يسلم واحد منها من الإيرادات طردا أو عكسا و مناقشتها كلها يخرج بنا عن المقصود، وأما المحدثون المتقدمون فهم لا يعتمدون المنطق في مناقشتهم ولا يهتمون بصناعة الحدود المنطقية لذا كانت تعريفاتهم تقريبية تغليبية وبالتالي غير جامعة ولا مانعة بالنسبة للمتأخرين كما هو الشأن عند ابن أبي ليلى في تعريف الصحيح حيث قال:"فمما يعرف به صحيح الأحاديث من سقيمها أن يكون الحديث متعريا من

سبع خصال: 1 - أن لا يكون الشيخ الذي يرويه مجروحا، 2 - أن لا يكون فوقه شيخ مجهول يبطل الحديث به، 3 - أن لا يكون الحديث مرسلا فإن المرسل عندنا لا تقوم به الحجة،4 - أن لا يكون الحديث منقطعا أسوأ حالا من المنقطع، 5 - أن لا يكون الحديث معضلا فإن المعضل أسوأ حالا من المنقطع، 6 - أن لا يكون الحديث مدلسا ... ،7 - أن لا يكون الحديث مضطربا ... فمتى ما وجد حديث يعرى عن هذه الخصال فهو صحيح قبوله واجب .. "

فأنت ترى أن تعريف الإمام ابن أبي ليلى بعيد كل البعد عن صناعة الحدود المنطقية المشهورة عند المتأخرين، قال الإمام السيوطي:

"إنا معشر أهل الحديث والفقه لا نقول في التعاريف على حدود المناطقة"

ثم نقل عن ابن الحصار المالكي قوله:

"لقد بلغ مالك وأضرابه من العلماء المتقدمين مبلغ الإمامة في الدين ولم يتكلف أحد منهم حدا وربما لو تكلف لم يسلم له، وكذلك البخاري ومسلم وأضرابهم ولو كلفوا حد الحديث والمحدث لم يأتوا به وقد نفعهم الله تعالى بما علموا وعلموه ولو كان في الحد خير لنطق به القرآن أو جاء على لسان رسول الله صلى الله ليه وسلم "

بل قال الحافظ السيوطي:

"نازع بعضهم في تعريف الصحيح والحسن والضعيف بحد أو رسم وقال: والذي يقتضيه كلام القدماء أنه لا يعرف بذلك بل بما نص عليه أئمة الحديث في كتبهم إما بالتصريح في كل حديث كدأب

الترمذي أو بالتزام ذكر الصحيح كالبخاري ومسلم وابن خزيمة وابن حبان "

تعريف الحديث الصحيح

ولهذا السبب بعينه سأقتصر في تعريف الحديث الضعيف على ما استقر عليه الرأي عند كثير من المتأخرين في تعريف الصحيح والحسن- وأصله ما قرره ابن الصلاح في مقدمته من أن الحديث الذي توفرت فيه شروط سنة فهو صحيح وهذه الشروط هي:

1 - اتصال سنده و معناه أن يكون كل راو في سنده قد تلقاه عن شيخه بطريق معتبر من طرق تحمل الحديث وبهذا الشرط خرج كل أنواع الانقطاع كالمرسل، والمرسل الخفي، والمعلق والمعضل والمنقطع وغيرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير