و قال حافظ المغرب ابن عبد البر في التمهيد 16/ 218 معلقا على قوله صلى الله عليه وسلم:"هو الطهور ماؤه، الحل ميتته "قال:
"وأهل الحديث لا يصححون مثل إسناده، لكن الحديث عندي صحيح، لأن العلماء تلقوه بالقبول والعمل به "
وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في مقدمة أحكامه الوسطى على ما نقله محقق كتاب بيان الوهم والإيهام للحافظ ابن القطان الفاسي 1/ 188:
"و إن كان سقيما حكم له بحكم السقيم ... إلا إن يكون الإجماع على عمل يوافق حديثا معتلا، فإن الإجماع حكم أخر، وهو الأصل الثالث الذي يرجع إليه، وليس ينظر إلى علة الحديث، ولا لضعف الراوي ولا لتركه"
وقال الحافظ ابن القيم في كتاب الروح- بعد أن أورد حديث تلقين الميت باسم أمه بعد الدفن- ص39:
" فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به ".
وقال الحافظ الزركشي:
" إن الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح، حتى أنه ينزل منزلة المتواتر .. ".
وقال السيوطي في تدريب الراوي:
" وقال بعضهم: يحكم للحديث بالصحة إذا تلقاه الناس بالقبول وإن لم يكن له إسناد صحيح ".
وقال الحافظ السيوطي:
" ... أما الحديث الصحيح لغيره فغير داخل في الحد-أي حد الصحيح- ولذلك صور: الحسن إذا روي من غبر وجه كما سيأتي، وما تلقته العلماء بالقبول ولم يكن له إسناد صحيح فيما ذكره طائفة منهم ابن عبد البر ... واشتهر عند أئمة الحديث بغير نكر منهم"
وقال العلامة الألباني في الضعيفة 2/ 286 معلقا على الحديث882:
" قلت: هذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد، فالعمل عليه عند السلف…"
وقال أيضا:
" الحديث المتلقى بالقبول لا يكون صحيحا إلا إذا كان له إسناد صالح للاعتبار به فهو الذي يتقوى بالتلقي"
هذه باقة من أقوال أئمة الحديث و حفاظه قديما وحديثا، كلها رد صريح على من زعم أن من أصول أهل الحديث عدم اعتبار الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول، نعم لا بد من التفريق بين تلقي الأمة الذي هو عمل العلماء واستدلالهم بالحديث المتلقي وبين شهرة الحديث من غير عمل به بين العلماء أو العامة لأن هذه الشهرة لا تنافي الوضع والضعف، والله اعلم.
و الخلاصة:
إن عرفت ما سبق أدركت أن الحديث المقبول عند أهل الحديث وغيرهم أعم من الصحيح ومن الحسن لاشتماله على الضعيف المعمول به أو المتلقي بالقبول
التعريف الثالث:" ما قصر عن درجة الحسن قليلا "
قاله الحافظ الذهبي في الموقضة واصله من كلام ابن دقيق العيد في الاقتراح و العراقي في ألفيته و غيرهم وهذا التعريف هو أيضا لم يسلم من الاعتراضات
الاعتراضات:
يرد عليه-كما يظهر لأول وهلة-أنه غير منضبط في تحديد القصور القليل، كما يرد عليه أيضا اختلافهم الكبير في تعريف الحديث الحسن
التعريف الحديث الحسن
اختلف العلماء في تعريف الحديث الحسن اختلافا كبيرا وأقوالهم فيه كثيرة منها:
قول الترمذي:"كل حديث يروى لا يكون في إسناده متهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو حديث حسن "
قول أبو سليمان الخطابي:"الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله أكثر الفقهاء ".
ومنها قول ابن الجوزي:"الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن ويصلح للعمل به "
وهناك أقوال أخرى كثيرة لا نطيل بذكرها لأنه لم يسلم واحد منها من الاعتراضات والإيرادات مما حمل الحافظ الذهبي- وهو من هو- على قوله:
"لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها فأنا على إياس من ذلك "
و من قبله قال ابن دقيق العيد في الاقتراح ص6:
"في تحقيق معناه اضطراب"
وسأل بعضهم العلامة الألباني: هل لديه تعريف جامع للحديث الحسن لغيره؟ فأجاب: لا
وقال في موطن أخر:
" الحديث الحسن لغيره- وكذا الحسن لذاته- من أدق علوم الحديث وأصعبها لأن مدارهما على
من اختلف فيه العلماء من رواته ما بين موثق ومضعف فلا يتمكن من التوفيق بينهما ... وهذا أمر صعب قل من يصبر له وينال ثمرته فلا جرم أن صار هذا العلم غريبا من العلماء "
وقال الأستاذ المليباري في كتاب نظرات جديدة ص21:
¥