5 - مهاجمة منهج الثبات والقيم، وإطلاق اسم السلفية عليه، والسلفية هنا تعني المعتقد الديني، فالحداثة ترى أن الأفكار الباطنية والصوفية تحول من الثبات الديني بل تعتبر هذا التحول منطلقاً تاريخياً للحداثة العربية.
6 - تغليب مفاهيم السريالية (النظرة التي لا يحكمها العقل) أو ما يسمى فوق الواقع، وقوامها احتقار التراكيب العقلية والروابط المنطقية المعروفة والقواعد الأخلاقية والجمالية المالوفة والاعتماد على اللا شعور واللا معقول، والرؤى والأحلام والحالات النفسية المرضية، ولا سيما حالات التحلل النفسي، ويعنون بالرغبات الجامحة.
7 - تغليب طوابع الجنس والإباحة استمداداً من مفهوم الإغريق وعبادة الجسد وإباحيات الوجودية التي دعا إليها سارتر، ونظرية التحليل النفسي الذي يعتمد الجنس التي دعا إليها فرويد، ونظرية العلوم الاجتماعية التي دعا إليها دوركايم؛ وفتح أبواب المجون والجنس والإباحة والتحلل الاجتماعي.
8 - على أن يدور ذلك كله في إطار (التاريخانية) وهي الحتمية التاريخية لماركس فالمنهج الماركسي التاريخي هو الأساس الأيدلوجي للحداثة.
وقد عمد أدونيس - في سبيل صياغة هذه النظرية التي قدمها له شيخ المنظرين القس يوسف الخال - إلى استقطاب خيوط من التاريخ لتكون أدلة واضحة وأضواء كاشفة على الطريق، وذلك بالاعتماد أساساً على الفكر الباطني الفلسفي والاهتمام برموزه ومحاولة ربط الخطوات بتطور الشعر الحديث وبالمرحلة الأخيرة منه (قصيدة النثر وشعر التفعيلة) واختيار الحاقدين الجدد على نسق الحاقدين القدامى: أبي نواس ومهيار الديلمي واعتماد الحركات التمردية الهدامة للمختار الثقفي والقرامطة. وقد خطا دعاة (الحداثة) خطوة متقدمة على مفهوم العصرية من ناحية والشعر الحر من ناحية أخرى.
فالشعر الحر تقليد لشعر (والت ويتمان) أما شعر الحداثة فهو متابعة للشاعر الصليبي توماس اليوت، ويرى دعاة الحداثة أن الشعر الحر هو التيار (السلفي) الجديد بالنسبة لشعر الحداثة.
أما توماس إليوت فهو زعيم هذه المدرسة في الغرب، خليفة دانتي الذي يحمل الحقد الصليبي الأعمى. يقول الدكتور عبد الله الطيب: لقد حذف اليوت في منظومته (الأرض المقفرة) اللفظ الدال على العرب واستبدله بكنيسة ماغنس، وردد أشياء من التوراة والإنجيل. ويرجع هذا إلى الشعور الصليبي الموروث الصادر عن تعصب ديني أو عنصري إذ لا يخفى أن ظلال جزيرة العرب لا تخلو من معنى ظلال سيوف محمد وصلاح الدين والإسلام والجهاد.
فهو يرجع إلى الشعور الصليبي الموروث والتعصب الديني أو العنصري ومرده الزهو والغرور والاعتداء بالانتماء إلى حضارة اليونان والرومان.
ولا ريب أن كتمانه سرقة المعلومات وشعر العرب عن طريق مستشرقي الهند وفرنسا وحذفه اسم العرب وأسماء من أشاروا إليهم، كل هذا يؤكد الشك في أصالة إليوت في منظومته (الأرض المقفرة) ويؤكد فساد وجهة الذين تابعوه من دعاة الشعر الحر والحداثة.
الحشاشية هي الجذور
ويحاول أدونيس ودعاة الحداثة أن يردوا فكرتهم إلى القديم؛ وهم صادقون في ارتباطهم بالحشاشين والباطنية والمجوسية المتنامية في القرامطة، ويتحدثون عن جذورهم في أبي نواس وأبي تمام والرازي وابن الرواندي، على أساس أن الخاصية الرئيسية التي تميز هذا النتاج هي إذابة التقليد والمحاكاة ورفض النسج على منوال الأقدمين. ويركز أدونيس في كتابه (الثابت والمتحول) على الحركة القرمطية.
الحداثة وخلفياتها الأيدلوجية
تهدف الحداثة إلى تجاوز القواعد الأساسية للإسلام: قواعد الثوابت هي بمثابة الضوابط والحدود التي تحفظ شخصية الفرد والوجود الاجتماعي، وهي تحاول أن تخدع الناس بأن هولاء الرواد والرموز السابقين قد حطموا هذا القيد وتجاوزوه، وأن هذه المحاولة هي التي مكنتهم من الإبداع وهم يدعون بأن الحداثة هي الثورة الدافعة لتجاوز التاخر والجمود والارتقاء إلى منطلق العصر.
وترد ذلك كله إلى (التاريخانية) " الماركسية " كمدخل للحداثة، وترى أن هؤلاء الرواد يركزون على (فكر التجاوز) وأنه مصدر الإبداع، وأن هذا التجاوز لا يتوقف فهو في حركة دائمة.
¥