تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَكَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَسْتَحِبّ الِاسْمَ الْحَسَنِ وَأَمَرَ إذَا أَبْرَدُوا إلَيْهِ بَرِيدًا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الِاسْمِ حَسَنَ الْوَجْهِ وَكَانَ يَأْخُذُ الْمَعَانِيَ مِنْ أَسْمَائِهَا فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ كَمَا رَأَى أَنّهُ وَأَصْحَابَهُ فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ فَأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ فَأَوّلَهُ بِأَنّ لَهُمْ الرّفْعَةَ فِي الدّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَأَنّ الدّينَ الّذِي قَدْ اخْتَارَهُ اللّهُ لَهُمْ قَدْ أُرْطِبَ وَطَابَ وَتَأَوّلَ سُهُولَةَ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ مَجِيءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إلَيْهِ [ص 308] وَنَدَبَ جَمَاعَةً إلَى حَلْبِ شَاةٍ فَقَامَ رَجُلٌ يَحْلُبُهَا، فَقَالَ " مَا اسْمُكَ؟ " قَالَ " مُرّةُ فَقَالَ اجْلِسْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ " مَا اسْمُكَ؟ " قَالَ أَظُنّهُ حَرْبٌ فَقَالَ اجْلِسْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ " مَا اسْمُكَ؟ " فَقَالَ يَعِيشُ فَقَالَ " اُحْلُبْهَا " وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَمْكِنَةَ الْمُنْكَرَةَ الْأَسْمَاءِ وَيَكْرَهُ الْعُبُورَ فِيهَا، كَمَا مَرّ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَسَأَلَ عَنْ اسْمَيْهِمَا فَقَالُوا: فَاضِحٌ وَمُخْزٍ، فَعَدَلَ عَنْهُمَا، وَلَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا. وَلَمّا كَانَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ وَالْمُسَمّيَاتِ مِنْ الِارْتِبَاطِ وَالتّنَاسُبِ وَالْقَرَابَةِ مَا بَيْنَ قَوَالِبِ الْأَشْيَاءِ وَحَقَائِقِهَا، وَمَا بَيْنَ الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ عَبَرَ الْعَقْلُ مِنْ كُلّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ كَمَا كَانَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ يَرَى الشّخْصَ فَيَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ فَلَا يَكَادُ يُخْطِئُ وَضِدّ هَذَا الْعَبُورِ مِنْ الِاسْمِ إلَى مُسَمّاهُ كَمَا سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ رَجُلًا عَنْ اسْمِهِ فَقَالَ جَمْرَةُ فَقَالَ وَاسْمُ أَبِيك؟ قَالَ شِهَابٌ، قَالَ مِمّنْ؟ قَالَ مِنْ الْحُرَقَةِ، قَالَ فَمَنْزِلُك؟ قَالَ بِحَرّةِ النّارِ قَالَ فَأَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ بِذَاتِ لَظَى: قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ احْتَرَقَ مَسْكَنُك، فَذَهَبَ فَوَجَدَ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فَعَبَرَ عُمَرُ مِنْ الْأَلْفَاظِ إلَى أَرْوَاحِهَا وَمَعَانِيهَا، كَمَا عَبَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ اسْمِ سُهَيْلٍ إلَى سُهُولَةِ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَقَدْ أَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُمّتَهُ بِتَحْسِينِ أَسْمَائِهِمْ وَأَخْبَرَ أَنّهُمْ يُدْعَوْنَ يَوْمَ [ص 309] الْقِيَامَةِ بِهَا، وَفِي هَذَا - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْسِينِ الْأَفْعَالِ الْمُنَاسِبَةِ لِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ لِتَكُونَ الدّعْوَةُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ بِالِاسْمِ الْحَسَنِ وَالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ. وَتَأَمّلْ كَيْفَ اُشْتُقّ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ وَصْفِهِ اسْمَانِ مُطَابِقَانِ لِمَعْنَاهُ وَهُمَا أَحْمَدُ وَمُحَمّدٌ فَهُوَ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنْ الصّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ مُحَمّدٌ وَلِشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى صِفَاتِ غَيْرِهِ أَحْمَدُ فَارْتَبَطَ الِاسْمُ بِالْمُسَمّى ارْتِبَاطَ الرّوحِ بِالْجَسَدِ وَكَذَلِك تَكْنِيَتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ بِأَبِي جَهْلٍ كُنْيَةٌ مُطَابِقَةٌ لِوَصْفِهِ وَمَعْنَاهُ وَهُوَ أَحَقّ الْخَلْقِ بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ، وَكَذَلِك تَكْنِيَةُ اللّهِ عَزّ وَجَلّ لِعَبْدِ الْعُزّى بِأَبِي لَهَبٍ لَمّا كَانَ مَصِيرُهُ إلَى نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ كَانَتْ هَذِهِ الْكُنْيَةُ أَلْيَقَ بِهِ وَأَوْفَقَ وَهُوَ بِهَا أَحَقّ وَأَخْلَقُ. وَلَمّا قَدِمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ، وَاسْمُهَا يَثْرِبُ لَا تُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الِاسْمِ غَيّرَهُ بِطَيْبَة َ لَمّا زَالَ عَنْهَا مَا فِي لَفْظِ يَثْرِبَ مِنْ التّثْرِيبِ بِمَا فِي مَعْنَى طَيْبَةَ مِنْ الطّيبِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير