[هل للتأليف الشرعي حق مالي؟]
ـ[أبو سارة حسام]ــــــــ[23 - 02 - 06, 11:33 م]ـ
منقول
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=1237
[هل للتأليف الشرعي حق مالي؟]
معالي فضيلة الشيخ / صالح الحصين الرئيس العام لشؤون الحرمين 1/ 6/1423
10/ 08/2002
مقدمة:
1 - إن التأثير الطاغي للحضارة الغربية – فلسفتها وقيمها وأنماط عيشها – على العالم تأثير شامل وعميق، شامل من حيث تناوله مختلف مجالات الحياة وعميق من حيث وصوله إلى أعماق النفس البشرية، بحيث يزاحم أو يطرد جزئيا أو كلياً القيم الثقافية الأخرى ليحل محلها.
والعالم الإسلامي لا يستثنى من الخضوع لهذا لتأثير، وتأثير الحضارة الغربية على المسلمين لا يقتصر على أنماط العيش من المأكل والمسكن والمركب والمظاهر المادية الأخرى، بل يمتد إلى العلاقات في المجتمع ويهمنا منها هنا المعاملات المالية، فعندما تستحضر في الذهن شيوع التعامل بالنقد الورقي، واستخدام الأوراق التجارية كالشيك والكمبيالة ومرور كل المستوردات من خلال عقد فتح الاعتماد، ومن خلال أحد العقود البحرية: سيف أو فوب أو غيرهما، ووجود الشركات المساهمة وذات المسؤولية المحدودة وغيرها من الشركات المشمولة بنظام الشركات، والتعامل في الأسهم والسندات والتعامل بالعقود الإدارية في قائمة طويلة لا تكاد تنتهي ... عندما نستحضر هذا في الذهن لا نجافي الحقيقة عندما نقول: إن غالب معاملاتنا المالية- في الوقت الحاضر – مصدرها التاريخي القوانين الغربية وليس الفقه الإسلامي.
هذا لا يعني أن هذه المعاملات لا تتفق مع قواعد الشريعة، ولا يعني الدعوة لإحلال بدائل مصدرها الفقه الإسلامي محلها، لأن ذلك وإن كان مرغوباً – فهو غير ممكن، وإنما الممكن والمطلوب هو الفحص الفقهي لهذه المعاملات، والنظر في مدى توافقها مع القواعد الشرعية، وتحويرها – عند الاقتضاء – لتتفق مع هذه القواعد.
2 - على أن القيام بهذا الممكن والمطلوب ليس أمراً يسيراً وليس الطريق إليه خالياً من العقبات والمزالق وعند مناقشة إحدى الأطروحات في المعهد العالي للقضاء نبَّه أحد المناقشين إلى خمسة مزالق تواجه الفقه عند ما يقوم بهذه المهمة، يهمنا منها بالنسبة لموضوع البحث مزلقان:
الأول: الانخداع بالمصطلحات، فعلى سبيل المثال:
كتب مرة عالم فاضل كبير من علماء الأزهر مقالاً في مجلة (العربي) الكويتية يبيح فيه القرض بفائدة الذي تمارسه البنوك الربوية وبنى رأيه على أن الحجة في تحريم القرض بفائدة حديث" كل قرض جرّ نفعاً فهو رباً " وبما أن هذا الحديث معلول، وأن مسألة تحريم القرض الذي يجرّ نفعاً محل خلاف بين الفقهاء فإن تحريم القرض بفائدة حينئذ يكون حسب رأيه مؤسساً على أساس ضعيف.
لقد انخدع العالم الفاضل بالاصطلاح فلم ينتبه إلى أن القرض في اصطلاح الفقه الإسلامي هو غير المعاملة التي تسميها البنوك العربية القرض بفائدة وتسميها البنوك الأجنبية والبنوك العربية عند ما تستعمل لغة غير العربية " القرض بربا" Interest فبين المعامليتن – بالرغم من التماثل في التسمية – اختلاف جذري في الطبيعة والأحكام، فالقرض في الفقه الإسلامي عقد إرفاق وتبرع، ليس الأجل عنصراً فيه، وأما ما تسميه البنوك الربوية العربية القرض بفائدة فهو عقد معاوضة، الأجل هو العنصر الأهم فيه، وهو حقيقة العقد
الربوي الأساسي، ومحل بحثه في الفقه الإسلامي باب (الربا والصرف) وليس باب (القرض)
الثاني: عدم الانتباه إلى خصائص المعاملة:طبيعتها ونشأتها وتطورها.
وهذا الانتباه ضروري بعد معرفة أن كل المعاملات التي استوردها العالم الإسلامي من الغرب نبتت في تربة النظام الرأسمالي،وهذه التربة مخصبة بالقمار والربا والفردية وحضور الشح والتغالب، ولا محل فيها لمعاني الإخلاص والتقوى والاحتساب و"في سبيل الله"
فلابد – قبل حكم الفقيه على المعاملة _ أن يقوم بتحليلها ويتعرف على خصائصها ويقدر مدى تأثرها بمخصبات التربة التي نشأت فيها.
لقد نبه المناقش (المنوه عنه) على هذا المزلق وأمثاله تعليقاً على ما ذكره كاتب الأطروحة حيث نسب إلى ثلاثة من علماء المملكة العربية السعودية الأجلاّء إباحتهم لخصم الكمبيالة لدى المدين الأول تخريجاً على حديث "ضع وتعجل".
¥