[نشأة علم العقيدة]
ـ[أحمد عسيري]ــــــــ[26 - 02 - 06, 05:11 م]ـ
أحب أن أشارك بطرح هذا البحث وآمل إرسال الملاحظات على البريد الإكتروني [email protected]
نشأة التدوين في علم العقيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
?
الحمد لك لا نِدَّ لك، والملك لك من عالم الذر الخفي إلى الفلك، ما عام أو طار فيه أو سلك، ما كان من إنس أو جن أو ملك، إلا وقد شهدوا بأن الملك لك.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله n.
أما بعد:
فإن الله قد تكفل بحفظ هذا الدين إلى قيام الساعة وهيأ الأسباب لهذا الحفظ، ومن حفظ الدين حفظ كتابه وسنته وشريعته، ومن وسائل وأسباب حفظ الدين كتابة الشريعة من كتاب وسنة ما فيهما من أحكام وغير ذلك مما هو تبع لهما من الاستنباطات والشروح وتوضيح معانيهما وغير ذلك، وقد اهتم النبي n وصحابته الكرام بتدوين العلم في وقت مبكر، وكانت أولى مظاهر هذا الاهتمام هو تدوين كتاب الله عز وجل، ثم تلاه تدوين السنة المطهرة، فظهر في عصر الصحابة ما يسمى بـ (صحائف الصحابة)، ثم تطور الأمر وزاد الاهتمام بالتدوين لِما جد في عصر التابعين وتابعيهم من أمور وأحداث ككثرة الفتوحات وظهور البدع فاحتاج السلف لتدوين مسائل العلم وعلى رأسها مسائل الاعتقاد وظهر الاهتمام بالتصنيف في مسائل العلم خاصة في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث وكان من أبرز العوامل هو كثرة وانتشار مصنفات أهل البدع مما اضطر أهل السنة للتفنن في التدوين والتصنيف في شتى العلوم ومن أهمها
علم العقيدة.
وقد كُلفت في السنة المنهجية لمرحلة الماجستير بكتابة بحث في مادة المناهج فأخذت هذا الموضوع لأهميته ولأنه اهتم بنشأة وتدوين أهم العلوم وأولاها وأعظمها وأشرفها وكذلك فدراسة منهج السلف في التدوين لعلم العقيدة وإبرازه أصبح ضرورة ملحة خاصة مع كثرة المخالفين من أهل البدع والطاعنين في عقيدة السلف، فإظهار منهجهم وإبرازه يبين للناس عِظَم قدْر هذه المصنفات ومنزلتها وبيان عظيم قدر السلف وعمق فهمهم وفقههم وعُلو منزلتهم على غيرهم ممن أتى بعدهم.
واشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث رئيسية:
- اشتمل التمهيد على: تعريف التدوين والعقيدة والسلف في اللغة والاصطلاح.
- واشتمل المبحث الأول على: أهمية التدوين وبواعث التدوين.
- اشتمل المبحث الثاني على: نشأة التدوين ومراحله ونماذج بعض المصنفات.
- واشتمل المبحث الثالث على: منهج أهل السنة والجماعة في التدوين وأهم ما يتميز به منهج أهل السنة والجماعة في تدوين علم العقيدة عن غيره من المناهج.
ثم جعلت خاتمة للبحث فيها: أهم النتائج التي توصلت إليها.
ثم ختمت هذا البحث بفهرس للمصادر والمراجع وفهرس للموضوعات.
وختاماً: أشكر الله العظيم أولاً وآخراً على إتمام هذا البحث ولولا توفيق الله وإعانته لما سددنا ولما وفقنا.
التمهيد
ويشتمل على:
أ- تعريف التدوين في اللغة والاصطلاح.
ب- تعريف العقيدة في اللغة والاصطلاح.
ج- تعريف السلف في اللغة والاصطلاح.
أ- تعريف التدوين:
في اللغة: مصدر دَوَّن. يقال: دونت الدواوين تدويناً، إذا جمعت الكتابة في الديوان الذي هو مجتمع الصحف وهو فارسي معرب ().
أما في الاصطلاح: فإننا نستطيع –بعد النظر في معناه اللغوي- أن نعبر عنه بأنه: جمع العلوم وتسطيرها وتقييدها في كتاب أو كتب ().
ب- تعريف العقيدة:
في اللغة: تدل العقيدة على الشد والربط، تقول: عقدت الحبل فهو معقود، أي: شددته وربطته.
جاء في لسان العرب (): "العقد نقيض الحَلِّ. يقال: عقدت الحبل فهو معقود. وعقد قلبه على الشيء: لزمه".
واعتقد فلان الأمر: صدقه وعقد عليه قلبه وضميره.
والعقيدة والمعتقد: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده ().
وجاء في الصحاح (): "عقدت الحبل والبيع والعهد: فانعقد".
في الاصطلاح: كلمة العقيدة لم تكن مستعملة بهذا اللفظ عند السلف، وإنما كانوا يستعملون ما يدل عليها، كالسنة والشريعة، والإيمان كما في عناوين مصنفاتهم في ذلك، ولعل أول من استعملها بهذا اللفظ الإمام أبو عثمان الصابوني t في عنوان كتاب: (عقيدة السلف أصحاب الحديث).
¥