تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انتهت إليه الرئاسة في القضاء، نصبه لذلك أهل الحل والعقد من الزوايا وغيرهم، وكان إذا نزلت نازلة عظيمة أو حدثت معضلة انتظر فلا يفصم عنها حتى يقدم ولم يزل كذلك منذ نحو سبعين سنة.

كانت طريقه في القضاء أنه لا يميل مع الأهواء، ولا يحكم إلا بالمشهور في الأغلب، واعتبره المختار بن ميلود خي مجتهدا أعظم بل مجدد القرن الثالث عشر الهجري في هذه البلاد لما رآىفيه من بروزالفقه المرتفع عن التقليد إلى درجة الإختيار والترجيح، حيث جمع شروط مجتهد المذهب لكونه عالما بالفقه وأصوله وأدلة الأحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الأقيسة والمعاني تام الإرتياض بالترجيح والاستنباط بإلحاق ما ليس منصوصا عليه لإلمامه بأصوله بل اجتمع فيه أكثر شروط المجتهد واحتج المختار بحديث البخاري ومسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم) من فتاوي غيرالمشهورة وربما الشاذة لمصلحة في ذلك أو بعرف وافقه، كان يرى أن يحلف الشهود لما رأى من التساهل في الشهادة ويرى أن قول العاقد لا سابقة ولا لاحقة إنما يطلق به إذا مع السابقة واللاحقة لا المعقود عليها لأن مقصدها أن لا يجتمع مع غيرها في عصمة، لأن اليمين لابد له من لفظ، كما يرى أن الضامن يغرم ولو حضر المضمون موسرا تناله الأحكام رعيا للعرف.

كان متأسيا بالإمام مالك رحمه الله ـ مكثرا من قول لا أدري لأن الإمام مالك كان يقول: ((ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول لا أدري حتى يكون لك أصلا في أيديهم يفزعون إليه، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري) كان من أحفظ الناس ما استودع قلبه شيئا فنسيه، قويا في الحجة والمناظرة، رحل إلى مدرسته أهل المشرق والمغرب طالبا، فلم يجتمع في مدرسته التي استمرت زهاء سبعين سنة متخرج منها: الخرش ولد عبد الله، المختار الكنتي، محمد باب بن أحمدخ، اباه اشريف المجلسي محمدي وسف اكيبي، مولود التندغي، الشيخ المختار بن أمد ولد ازوين التنواجي، مولد والمختار أبناء داداه، وغيرهم كثير كما في الحياة الثقافية للعلامة المختار ولد حامد ـ ص: 326.

أدواره الإصلاحية:

لعب بعض العلماء دورا أساسيا في بلاد شنقيط حيث غياب السلطة المركزية والبحث عن بديل للإمامة لهذا أشرف محنض باب على تنفيذ الحدود والمطالبة بنصب الإمام إلى حد أنه عارض الأمراء الحسانيين في قراراتهم السياسية أحيانا، مثل معارضته لقرار الأمير محمد الحبيب بفرض حصار على بيع العلك للنصارى أثناء حربه مع الوالي الفرنسي "افيديرب" (1855 ـ 1858) ولعل الظاهر الأبرز هي اجتهاده خاصة أن العالم الإسلامي قد شهد انحصار الاجتهاد وشيوع التقليد والمحاكاة لدرجة أن اعتبره البعض مجدد القرن الثالث عشر الهجري.

(قام محنض باب بدور الإمام الأعظم حيث زاحم فحول العلماء فكان المبرز الجلي، فعارضوه في كثير من النوازل، وكان يرى لنفسه وهو في البلاد السائبة ما للإمام الأعظم من تنفيذ الأحكام وأخذ الحق من الظلام إن استطاع إلى ذلك سبيلا).

كانت دعوة محنض باب إلى تنصيب الإمام استمرار لجهود الزوايا منذ حركة الإمام ناصر الدين لإنشاء دولة إسلامية تلم شتات المسلمين وتحقن دماءهم، وكانت البادية منطلق هذه الدعوة حيث قنن الفقه وكيف مع الواقع البدوي كما فعل محمد مولود في كفافه، ونظم الشيخ محمد المامي ولد البخاري الأحكام السلطانية للماوردي ودرس السياسة الشرعية في محظرته، وعلى هذه منوال سار العلامة محنض باب في دعوته يقول المختار بن ميلود خي (لبث الشيخ رحمه الله يدعوا الناس إلى نصب الإمام وإقامة دين الله إذ يجوز ذلك على الأصح ـ في بلاد لا تجرى فيها أحكام الإمام، فعارضه في ذلك جماعة فركبوا وجالوا في البلاد يرفعون عقيرتهم به في كل واد وحضوا عليه بالنظم والنثر، وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر، فوجدوا الناس قد مات قلوبهم وصمتت آذانهم وعميت ابصارهم حتى كأنه لم يأت به بشير ونذير داع إلى الله وسراجا منيرا).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير