تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقوله صلي الله عليه وسلم: (فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله)، فلما قرر أبو بكر رضي الله عنه هذا الأمر للصحابة رجعوا إلي قوله ورأوه صوابا، قال عمر رضي الله عنه:

(فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله تعالى قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم فعرفت أنه الحق)، فوقف الجميع مع أبي بكر في قتال المرتدين ومانعي الزكاة حتى نصرهم الله وأعز دينه.

فوجب على من أراد النجاة أن يلتزم بشروط لا إله إلا الله حتى يسلم في دينه ودنياه، فإذا كنت يا عبد الله ترغب في توحيد الله بيقين وصدق وعقيدة حق، فاعلم أن شروط لا إله إلا الله التي وردت في كتاب الله وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم ثمانيةُ شروط، لا يصح قول اللسان ولا يصلح ركن من أركان الإيمان إلا بها: أولها العلم المنافي للجهل، ثم اليقين المنافي للشك، ثم الإخلاص المنافي للشرك، ثم الصدق المنافي للكذب، ثم المحبة التي تنافي البغض، ثم القبول الذي ينافي الرد، ثم الانقياد الذي ينافي الترك، والثامن من هذه الشروط هو الكفر بما يعبد من دون الله، وقد أحسن من جمعها وعدها وحصرها في هذين البيتين فقال:

علم يقين وإخلاص وصدقك مع: محبة وانقياد والقبول لها

وزيد ثامنها الكفران منك بما: سوي الإله من الأشياء قد ألها

وحديثنا بإذن الله في محاضرة اليوم عن أول شرط من هذه الشروط، وهو العلم المنافي للجهل، فالعلم بلا إله إلا الله أساس الإسلام ومبدأ الكلام، وهو مقدم على القول والعمل، ولذلك قال الإمام البخاري بَاب العِلمُ قَبْل القَوْل وَالعَمَل لقَوْل اللهِ تعالى: (فَاعْلمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلا الله) فَبَدَأَ بِالعِلمِ، فالعُلمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَقَال جَل ذِكْرُهُ: (إِنَّمَا يَخْشَي اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلمَاءُ)، ولما عذب الله الكافرين والمشركين في جهنم سألهم خزنتها: (أَلمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلي قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّل اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ) اعترفوا بذنبهم وأنهم المتسببون في جهلهم، والسؤال الذي يتردد على الأذهان والذي يطرح نفسه الآن: كيف يكون العلم شرطا من شروط لا إِلهَ إِلا اللهُ؟

والجواب على ذلك أنه إذا قال المرء لا إِلهَ إِلا اللهُ، فهذا معناه أنه لا معبود بحق إلا الله، والعبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل، فالمسلم بقوله لا إِلهَ إِلا اللهُ قد أعلن أنه سيخضع لله عن حب وتعظيم، وطاعة وتسليم، يسلم نفسه لمعبوده ويعمل في تحقيق مطلوبه.

فلو أرسل المعبود رسالة لعبيده الصادقين في عبادته، بين فيها أحكام شريعته، وأصول طاعته، وبين فيها ماذا نفعل حتى نصل إلي قربه ومحبته، وماذا نترك حني نفوز بجنته، فلو كان العبد صادقا في شهادته أنه لا إِلهَ إِلا اللهُ وأن محمدا رسول الله، لبذل كل ما في استطاعته واجتهد بكل طاقته لكي يطلع على هذه الرسالة ويتمكن من قراءتها ويدقق في مادتها، حتى لو كان مسلما أعجميا أميا، لبحث عن متخصص في اللغات يترجم له ما جاء في الوحي من كلمات، طالما أن هذه الرسالة فيها النجاة من غضب الله، وفيها القرب من حبه ورضاه، فكلمة التوحيد عقد بينك وبين الله، التزمت به يوم قلت أشهد ألا إِلهَ إِلا اللهُ وأن محمدا رسول الله وهو خير عقد يجب على المسلم أن يوفي فيه بالتزاماته ويؤدي ما عليه من واجباته، لقول الله تعالى في محكم آياته: (يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا).

وإذا كان كل عقد بين البشر له قواعد وأحكام، وشروط جزاء يضعونها للالتزام، وكان كل إنسان قبل أن يوقع على أي عقد يقرأ شروطه بإمعان وإتقان، فحري بالمسلم الصادق في إسلامه، أن يعرف مضمون العقد الذي بينه وبين الله، عندما شهد ألا معبود بحق سواه، ولذلك أوجب الله علينا السؤال فقال: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

• وهناك أمران لازمان لمعرفة الإنسان عقد التوحيد وصدقِ شهادة العبيد أنه لا إله إلا الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير